للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: الشفيع إنما سقط حقه من الرجوع لأحد وجهين؛ إما لأنها ملكت الشقص بعين مال فهو كما لو ملكته بهبةٍ أو ميراث أو لأنا؛ لو قلنا يرجع عليها لم يخل إما أن يرجع بقيمة البضع أو بقيمة الشقص، ولا يجوز أن يرجع بقيمة البضع؛ لأن البضع لا يتقوم إلا على زوج أو من يجري مجراه وهي الوطئ بشبهة أو متلف وهو الغاصب وليس الشفيع واحدًا منهم، ولا يجوز أن يرجع بقيمة الشقص؛ لأن مبنى الأصول على أن الشفيع يأخذ الشقص بالثمن أو بقيمة الثمن إذا لم يكن للثمن مثلًا، فأما بقيمة الشقص فلا وليس كذلك ههنا؛ لأن هذه العين يصح تقويمها في حق كل أحد وحق الرجوع ثابت فيهما.

بدليل: ما ذكرنا إذا وجدها في يد من ابتاعهم منهم (١).

قيل: إذا أسلم وهو في يده يصح تقويمها في حق كل أحد ولا يقوم عليه، وأما من ابتاعها منهم فهناك يمكن الرجوع بالبدل أو لقيمته، وههنا يرجع بقيمة ما حصل له فهو كالشقص الممهور (٢) (٣).

واحتج المخالف: بما روى أبو بكر (٤) بإسناده عن ابن عباس (٥) قال: جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله، إني وجدت بعيرًا لي في المغنم وقد كان العدو أصابوه قال: "اذهب فإن وجدته فخذه وإن وجدته قد قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردت" (٦).


(١) ينظر: المبسوط (١٠/ ٥٤)، بدائع الصنائع (٧/ ١٢٨)، الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٩٢)، التلقين (١/ ٩٢)، الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٤٧٣ - ٤٧٤).
(٢) ممهور: من قولهم مهرت المرأة: قطعت لها مهرا فهي ممهورة.
ينظر: العين (مادة: هرم)، جمهرة اللغة (٢/ ٨٠٤).
(٣) ينظر: شرح منتهى الإرادات (٢/ ٣٤٧)، المغني (٩/ ٢٦٣)، كشاف القناع (٤/ ١٥٩).
(٤) هو أحمد بن الحسين بن علي، أبو بكر البيهقي: من أئمة الحديث. ولد في خسروجرد (من قرى بيهق، بنيسابور) ونشأ في بيهق ورحل إلى بغداد ثم إلى الكوفة ومكة وغيرهما، وطلب إلى نيسابور، فلم يزل فيها إلى أن مات. ونقل جثمانه إلى بلده. (ت ٤٥٨ هـ) صنف زهاء ألف جزء، منها السنن الكبرى، والسنن الصغرى والمعارف والأسماء والصفات. ينظر: وفيات الأعيان (١/ ٧٦)، تاريخ الإسلام (١٠/ ٩٥)، سير أعلام النبلاء (١٩/ ٣١٤)، الوافي بالوفيات (٦/ ٢١٩).
(٥) سبقت ترجمته في كتاب الأشربة.
(٦) بهذا السياق أخرجه البيهقي في الكبرى رقم (١٨٢٥٢)، وأخرجه مختصرا الدارقطني في السنن رقم (٤٢٠١) كلاهما من طريق الحسن بن عمارة، عن عبد الملك الزراد عن طاوس، عن ابن عباس مرفوعًا به =

<<  <  ج: ص:  >  >>