للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دللنا عليه: بما روى عن المغيرة بن شعبة أنه خرج مع قوم من المشركين إلى النبي ليسلموا، ثم إنه استغفلهم في بعض الطريق، وقتلهم، وأخذ مالهم، فحمله إلى النبي ، فقال النبي : "أما الإسلام فقد قبلناه منك، وأما المال فمال غدر لا حاجة لنا فيه" (١). ولم يأمره برده على ورثتهم، ولأنه حربي فملك ماله عليه بالغلبة في داره.

أصله: إذا غلب عليه المسلم وإذا ثبت هذا الأصل صح القياس (٢).

فإن قيل: لا يمتنع أن تملك عليهم بالقهر ولا يملكوا به علينا كما ملكنا عليهم بالشفعة (٣) ولم يملكوا بها علينا، وكذلك النكاح يملك عليهم ولا يملكوا علينا (٤).

قيل: أما النكاح فلا يمتنع أن يملكوا به ويملكوا بالقهر كما يملك على الوثني والمجوسي ماله بالقهر وإن لم يملك عليهم عقد النكاح، وأما الشفعة فلا يمتنع أن يملكوا بها عليه ويملكوا بالقهر كما قالوا: هم لا يملكوا أهل الذمة إحياء مواتنا (٥)،


(١) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، رقم (٢٧٣١) من حديث المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم مطولًا وفيه: وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي : "أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء". وباللفظ المذكور أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في صلح العدو، رقم (٢٧٦٥) من حديث المسور بن مخرمة .
(٢) ينظر: المغني (٨/ ٤٤٦)، تبيين الحقائق (٦/ ٢٩)، مجمع الأنهر (٤/ ٢١٢)، المبسوط (١٠/ ٨٩)، السير الكبير (٢/ ٦٨٩).
(٣) الشفعة: مأخوذة من ضم الشيء إلى الشيء، ومن ذلك الشفع، اسم للزوج، لأنه انضم الثاني إلى الأول، ومنه قوله تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)﴾ [الفجر ١ - ٣] والشفيع، لانضمامه في المعونة إلى المشفوع له.
وفي الاصطلاح: هي استحقاق انتزاع الإنسان حصة شريكه من يد مشتريها.
ينظر: جمهرة اللغة (٢/ ٨٦٩)، تهذيب اللغة (١/ ٢٧٨) الهداية على مذهب أحمد (١/ ٣٢٠)، الكافي لابن قدامة (٢/ ٢٣٢)، المغني (٥/ ٢٢٩)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٤/ ١٨٥).
(٤) ينظر: المجموع (١٩/ ٣٤٧)، التنبيه (١/ ٢٣٦)، نهاية المطلب (١٧/ ٤٩١).
(٥) الموات: لغة: الأرض لم تحي بعد بزرع ولا إصلاح.
اصطلاحا: هي الأرض الداثرة التي لا يعلم أنها ملكت وإحياؤها أن يحيزها بحائط أو يستخرج لها ماء. فأما ما جرى عليها ملك مسلم أو ذمي ثم تركها حتى دثرت وصارت مواتا، فإن كان مالكها باقيا لم تملك بالإحياء. تسمى ميتة ومواتا وموتانا، بفتح الميم والواو، والموتان، بضم الميم وسكون الواو: الموت الذريع. ورجل موتان القلب، بفتح الميم وسكون الواو، يعني: أعمى القلب، لا يفهم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>