للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: كل واحد منهما علة لوجوب الكفارة؛ فالحقن بالإيمان علة، والحقن بالأمان علة؛ فلا يمتنع تعلق حكم واحد بعلتين إذا دل الدليل على صحة كل واحد منهما مؤثر، ويدل على إيجاب الدية بأنه مسلم لم يحدث منه ما يزيل حقن دمه؛ فكان مضمونًا كسائر المسلمين؛ ولأن قتله/ حصل خطًا بقصد مشرك؛ فأشبه لو أصابه ولم يتترسوا به (١).

واحتج المخالف بأن لنا أن نرميهم مع غلبة الظن بإصابة المسلمين؛ فصار كالقتل المأذون فيه، ولا يشبه هذا إذا رمى غرضًا فأصاب مسلمًا؛ لأن رمى الغرض على هذا الوجه لا يجوز؛ ألا ترى أنه إذا غلب في ظنه أنه يصيب مسلمًا أو شك فيه لم يجز أن يرميه، وههنا يجوز له ذلك (٢).

والجواب: أنا نجيز له رمي المشركين مع تجنب المسلمين، ولأنه وإن غلب على ظنه أنه يصيب المسلمين فإنه يحتمل أن يصيب المشرك، وإصابة المسلم غير متحققة، وإنما هي ظن؛ فأمر بأن يجتهد في طلب ما يمكن إصابته، وعفي عن الخطأ فيه، وإذا كان كذلك لم يكن بمنزلة من أبيح رميه بعينه (٣).

واحتج: بأن كل من كان دمه هدرًا إذا أصابه برمي حصونهم بالمنجنيق كان هدرًا إذا أصابه برميهم متى تترسوا به.

دليله: أطفالهم ونساؤهم (٤).

والجواب: أنا لا نسلم الوصف؛ لأنه إذا أصابهم برمي حصونهم مع علمه أن هناك مسلمون ضمنهم بالكفارة كمسألتنا سواء، وأما صبيانهم ونساؤهم فالمعنى فيهم أن حقن دمائهم لا لحرمتهم وإنما هي للمسلمين، وليس كذلك ههنا؛ لأن حقن دمه لحرمته أشبه


(١) ينظر: المحرر في الفقه (٢/ ١٢٤)، الإنصاف (٤/ ١٢٩)، الإقناع، (٤/ ١٦٩).
(٢) ينظر: السير الصغير (ص ١٣٥)، المبسوط (١٠/ ٦٥)، بدائع الصنائع، (٧/ ١٠١).
(٣) ينظر: المبدع (٧/ ٢٠١)، الإنصاف (٤/ ١٢٩)، الإقناع (٤/ ١٦٩).
(٤) ينظر المبسوط (١٠/ ٦٥)، بدائع الصنائع، (٧/ ١٠١)، الهداية شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>