للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قتل النساء والصبيان، والشيخ الفاني الذي ليس عنده معونة (١)، وروى أبو عبد الله ابن بطة (٢) بإسناده عن أنس بن مالك أن رسول الله كان إذا استنفرنا نزلنا بظهر المدينة حتى يخرج إلينا رسول الله ، قال: فيقول: "انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى سنة رسول الله. قاتلوا أعداء الله في سبيل الله. قتلاكم أحياء يرزقون في الجنة، وقتلاهم في سبيل الطاغوت في النار يعذبون. لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلًا صغيرًا، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأحسنوا؛ إن الله يحب المحسنين" (٣)؛ فنهاهم عن قتل الشيخ الفاني (٤).

فإن قيل: يحمل ذلك على أن النبي علم أن المصلحة في تلك الغزاة التي أنفذ ذلك الجيش فيها كانت المصلحة في ترك القتل، وعندنا أنه إذا رأى ذلك لم يجز قتلهم؛ لأنه يرى في الأسارى ما يؤديه اجتهاده إليه (٥).

قيل: في الخبر ما يسقط هذا، وهو قوله: كان رسول الله إذا استنفرنا، وكان للدوام (٦)؛ فهو عام في كل غزاةٍ، ولأن الشيوخ وأصحاب الصوامع لا يقاتلون في العادة لا لعلة؛ فلا يحصل منه نكاية في المسلمين؛ فهم كالنساء والصبيان، ولا يلزم عليه إذا كان له رأي؛ لأن فيه نكاية، ولا يلزم عليه الجريح؛ لأن عجزه لعلة (٧).


(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب قتل النساء في الحرب رقم (٣٠١٥)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب رقم (١٧٤٤)، جميعا بدون قوله: والشيخ الفاني الذي ليس عنده معونة.
(٢) سبقت ترجمته ص ١٤٥.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين رقم (٢٦١٤).
قال الزيلعي: وخالد بن الفزر، قال ابن معين: ليس بذاك، قال البيهقي: وهو معارض ما أخرجه أبو داود أيضا عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن الحسن عن سمرة، قال: قال رسول الله : "اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم"، انتهى. قال: والحجاج بن أرطاة غير محتج به، والحسن عن سمرة منقطع في غير حديث العقيقة، على ما ذكره بعض أهل العلم بالحديث، انتهى.
ينظر: نصب الراية (٣/ ٣٨٦).
(٤) ينظر: المغنى (٩/ ٣١٣)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٦/ ٥٤٩)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (٤/ ١٢٩)، المبسوط (١٠/ ٢٣٦).
(٥) ينظر: الحاوي (١٤/ ١٩٤). المجموع (١٩/ ٣٠١).
(٦) ينظر: المسودة في أصول الفقه (ص ١١٥)، العدة شرح العمدة (ص: ٦٢٨).
(٧) ينظر: تبيين الحقائق (٣/ ٢٤٥)، بداية المجتهد (١/ ٣٨٤)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>