كتاب التعليقة الكبيرة - أبو يعلى - من الأشربة للأيمان

نقل عن أحمد في البهائم إذا أرسلها نهارا عمدا: فعليه الغرم، وإذا انفلتت فليس عليه شيء، وإن انفلتت بالليل فعلى صاحبها الغرم (١)، ولا يلزم عليه إذا أفسدت زرع صاحبها؛ لأنا قلنا توجب أن يكون بمنزلة جنايته في حكم الضمان، ومن حكم جنايته على زرعه أن لا ضمان، وكذلك إذا كانت بهيمة لحربي فأفسدت زرع مسلم أو كافر أو كانت بهيمة لمسلم فأفسدت زرع حربي أنه لا ضمان؛ لأن صاحبها لو أتلف لم يجب الضمان (٢).

واحتج المخالف بما روي عن النبي ﷺ قال: "العجماء جبار"، ولم يفصل بين الليل والنهار (٣).

والجواب: أنه محمول على النهار بما ذكرنا، وخبرنا خاص (٤).

واحتج: بأنه لم يكن من صاحبها فعل ولا سبب، فوجب أن لا يضمنه كما لو أتلفت بالنهار (٥).

والجواب: أن هذا قياس يعارض السنة ثم المعنى في الأصل: أن صاحبها غير مفرط فيها؛ لأنه لا يجب عليه حفظها (٦).

واحتج: بأن كل جناية غير مضمونة بالنهار وجب أن لا تكون مضمونة بالليل، أصله جناية المنفلتة جناية الإنسان على ملكه، والسنانير (٧)، والكلاب إذا أفسدت فهتكت

= وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما. واستوطن نيسابور وبها كانت وفاته يوم الخميس ودفن يوم الجمعة لعشر بقين من جمادى الأولى سنة (٢٥١ هـ).
ينظر: طبقات الحنابلة (١/ ١١٣ - ١١٥)، المقصد الأرشد (١/ ٢٥٢).
(١) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٧/ ٣٧٢٥).
(٢) ينظر الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١١٥)، عمدة الفقه (ص: ١٣٢).
(٣) ينظر: المحيط البرهاني (٥/ ٥١٤)، مجمع الأنهر (٢/ ٦٦٣)، فتاوي قاضيخان (٣/ ١٣٥)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦٨)، الهداية (٤/ ٤٨٣).
(٤) ينظر: المغني (٩/ ١٨٧)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١١٥)، شرح الزركشي (٦/ ٤١٤).
(٥) ينظر: الاختيار (٣/ ٦٦)، مجمع الأنهر (٢/ ٦٦٣)، فتاوى قاضيخان (٣/ ١٣٥)، بدائع الصنائع (٧/ ١٦٨)، الهداية (٤/ ٤٨٣).
(٦) ينظر المغني (٩/ ١٨٧)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١١٥)، شرح الزركشي (٦/ ٤١٤).
(٧) السنانير: جمع سنور: وهو حيوان أليف من الفصيلة السنورية متعدد الأنواع يصطاد الفئران.
ينظر: معجم اللغة العربية (٢/ ١١١٩)، المطلع على ألفاظ المقنع (١/ ٢٧٢).