للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: المرسل عندنا حجة، وعند أبي حنيفة (١)، وعلى أنا قد رويناه متصلًا إلى البراء رواه أحمد والدارقطني أيضًا فوجب الأخذ به (٢).

فإن قيل: هذا محمول على أنه اتبع فيه شريعة سليمان في قوله: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ [الأنبياء: ٧٨]، ثم نسخ ذلك بقوله: "العجماء (٣) جبار" (٤).

قيل: شرع من [قبلنا] (٥) شرع لنا ما لم يثبت نسخه، وليس في قوله: "العجماء جبار" ما يقتضي النسخ، وإنما يقتضي إسقاط الضمان، ونحن نحمل ذلك على النهار.

وأيضا فإنه مفرط في جناية بهيمته، فوجب أن يكون لمنزلة جنايته في حكم الضمان أصله إذا كان معها، ولا يلزم عليه إذا أفسدت بالنهار، ولأنه غير مفرط؛ لأنه مأذون في إرسالها نهارًا، وإنما التفريط من أصحاب الزرع والأموال.

ولا يلزم عليه أيضًا إذا انفلتت البهيمة ليلا؛ لأنه غير منسوب إلى التفريط، وكذلك إذا ردها إلى بيتها وأغلق الباب، فدخل لص وفتح الباب وتركه مفتوحا، فخرجت البهيمة وأفسدت، وكذلك إذا سقط الحائط فخرجت البهيمة وأفسدت، وكذلك إذا كانت الجمال في البادية وكانت عادتهم عقلها - وهو شد ركبها - ففعل ذلك، وتمرغت، وحلت العقال أو قطعته، وأفسدت أنه لا ضمان عليه، ولأنه غير مفرط، وعلى أن ابن منصور (٦)


(١) أصول السرخسي (١/ ٣٦٠)، اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (١/ ٨١)، المبسوط (٢٧/ ١٤٣).
(٢) ينظر: أصول الفقه لابن مفلح (٢/ ٥٨١)، الواضح في أصول الفقه (٥/ ٨٦)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (١/ ٩٩) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٣/ ٤٣٢).
(٣) العجماء البهيمة، وسميت عجماء؛ لأنها لا تتكلم.
ينظر تاج العروس (٦٣/ ٣٣)، لسان العرب (٢/ ٤٢٢).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة، كتاب: الزكاة، باب: في الركاز الخمس، رقم (١٤٩٩)، ومسلم في كتاب الحدود، باب: جرح العجماء جبار والمعدن والبئر جبار، رقم (١٧١٠).
(٥) في الأصل (قبل بيننا)، وما أثبته هو الصواب.
(٦) هو إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي: ولد بمرو ودخل إلى العراق والحجاز والشام، روى عن: سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، وروى عنه: إبراهيم بن إسحاق الحربي، =

<<  <  ج: ص:  >  >>