للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أن يستبيحه، ولم يكن لقوله تأثير في إباحته وإزالة حظره، وأما الردة وقتل النفس فإنه لا يملك ذلك؛ لأنه لا يجوز له أن يرتد ويقتل، فإذا فعل صار دمه مباحًا، وأما إذا أقر بالجناية فإن الإقرار لا يبيح الدم وإنما الدم يصير مباحًا بجنايته المتقدمة، ولذلك قتل البهيمة يكون مباحًا بوجود السبب المبيح، وإن سببت قست بالعبارة المتقدمة على الصيد إذا صال على المحرم فقتله دفعا عن نفسه أنه لا جزاء عليه كذلك ههنا (١).

فإن قيل: الجزاء حق الله تعالى وقد أذن في إتلافه، فلهذا لم يجب الجزاء، والحق ههنا لصاحب البهيمة؛ لأن القيمة له ولم يأذن في إتلافها، فلهذا وجب الضمان (٢).

قيل: الجواب عنه ما تقدم وهو أن هذا لم يوجب الفرق بينهما في إباحة القتل كذلك في الضمان، ويبطل بالعبد إذا صال فإن قيمته حق لآدمي ويسقط ضمانها وإن لم يأذن (٣).

واحتج المخالف: بأنه لا يتعلق بإتلافه وجوب الكفارة بحال فوجب أن لا يسقط الضمان عن متلفه لأجل الضرورة قياسا على طعام غيره إذا اضطر إليه فأكله أنه يضمن، وفيه احتراز من العبد؛ لأنه لا يجب بإتلافه كفارة، وربما قالوا: صاحبه يملك إباحته على وجه وهو أن يأذن في نحره فإذا لم توجد الإباحة منه وجب الضمان على متلفه قياسا على الطعام وفيه احتراز من العبد (٤).

والجواب: أن سقوط الكفارة لا تأثير له في الضمان وإيجابها لا تأثير له في إثبات الضمان.

يدل عليه: أن الصبي والمجنون لو صال على رجل فقتله دفعا وجب الضمان عند أبي حنيفة كالبهيمة سواء، وإن كانت الكفارة تتعلق بإتلافه (٥)، كما يجب الضمان عنده بقتل البهيمة، وإن لم يتعلق بإتلافها كفارة (٦)، وكذلك إذا كان الإتلاف لحاجته إلى أكله


(١) ينظر: المغني (٩/ ١٨١)، الأم (٦/ ٥٣).
(٢) ينظر: تبيين الحقائق (٢/ ٦٧)، الغرة المنيفة (ص ١٦٦)، البناية (٤/ ٣١٧)، العناية (٣/ ٨٩).
(٣) ينظر: الإنصاف (٦/ ٢٤٣)، كشاف القناع (٤/ ١٢٩)، الحاوي (١٢/ ٣٣٥)، مغني المحتاج (٥/ ٥٣٤).
(٤) ينظر: تبيين الحقائق (٢/ ٦٧)، الغرة المنيفة (ص ١٦٦)، البناية (٤/ ٣١٧)، المبسوط (١٠/ ١٠٥).
(٥) ينظر: المبسوط، للسرخسي (٢٦/ ١٨٥)، البحر الرائق (٨/ ٣٨٨)، مجمع الأنهر (٢/ ٦٤٩).
(٦) ينظر: الغرة المنيفة ص (١٦٦)، درر الحكام (٢/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>