للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجب الضمان فيما يضمن بالكفارة وفيما لا يضمن (١)، وكذلك لو نسي فأكل في صوم رمضان أو جامع أو قاء لم يجب عليه القضاء عندهم (٢)، وإن كان الأكل والجماع يتعلق به الكفارة والقيء لا كفارة فيه، ثم نقول بموجبه وإن الضمان لا يسقط عن متلفه لأجل الضرورة، وإلا يسقط.

وهذا الجواب على قولهم يملك إباحته على وجه، وهو أن ما يملك إباحته وهو البهيمة وما لا يملك إباحته على وجه، وهو أن ما يملك إباحته وهو البهيمة، وما لا يملك إباحته؛ كالمجنون والصبي سواء في الضمان، ثم المعنى في الطعام أنه يأكله في ملكه؛ لأنه إذا قبضه كان بمنزلة المستقرض، وقد أباح له صاحب الشريعة أن يستقرض للضرورة، فإذا أتلفه كان متلفا لملك نفسه ثم لا يجوز اعتبار الدافع بالمضطر؛ لأن من أكل عند غيره لضرورته إلى أكله، ضمنه، وإذا قتله دفعا عن نفسه لا يضمنه، وكذلك إذا قتل المحرم صيدًا لضرورته إلى أكله ضمنه، وإن قتله دفعا عن نفسه لم يضمنه، ولأن المضطر أتلف الطعام لمعنى في نفسه ألجأه إلى أكله وإتلافه، فلهذا ضمنه، وليس كذلك إذا صال عليه، فإن ذلك معنى من جهة الصائل، فإذا أتلفه لم يضمن. يبين صحة الفرق العبد والصيد إذا قتلهما دفعا لم يجب عليه الضمان، وإذا أكلهما للضرورة وجب الضمان (٣).

واحتج بأنه: أتلف مال غيره بغير إذنه لإحياء نفسه فوجب أن يلزمه الضمان؛ كالمضطر إلى طعام غيره (٤).

والجواب: أنه ينتقض به إذا صال عليه العبد فقتله، ثم لا تأثير له في الأصل ولا في الفرع، أما في الأصل فإن الضمان يجب عليه ولو كان الإتلاف لغير إحياء نفسه، وكذلك في الفرع فإنه لو قتله دفعا عن ماله لم يلزمه الضمان، والمعنى في الأصل ما تقدم (٥).


(١) ينظر: الغرة المنيفة (ص ١٦٧)، مجمع الأنهر (١/ ٣٠٠).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع (٢/ ٩٠)، البناية شرح الهداية (٤/ ٣٦).
(٣) ينظر: المغني (٩/ ١٨١)، الأم (٦/ ٥٣)، الحاوي (٤/ ٨٩).
(٤) ينظر: تبيين الحقائق (٢/ ٦٧)، الغرة المنيفة (ص ١٦٦)، البناية (٤/ ٣١٧).
(٥) ينظر: المغني (٩/ ١٨١)، الأم (٦/ ٥٣)، الحاوي (٤/ ٨٩)، فتح العزيز (١١/ ٢٥٥)، روضة الطالبين (٣/ ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>