للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعثمان، والواجب والمستحب غير المباح؛ لأن المباح: ما لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه (١)، والواجب: في فعله ثواب وفي تركه عقاب (٢)، والمستحب: ما في فعله ثواب وليس في تركه عقاب (٣)، والجائز: ما لا ثواب في فعله ولا عقاب في تركه، والجائز: ما وافق الشرع، فيكون ذلك عاما في الواجب والمستحب والمباح، وهذا معنى قولنا: صلاة جائزة، وصوم جائز، وعقد جائز أنه موافق للشرع (٤).

فإن قيل: المعنى في الأصل أن السيد لا يملك إباحته، فلم يعتبر وجود الإباحة من جهته، وإنما يعتبر إباحة من إليه حظر دمه وهو الله سبحانه، فإذا شهر على رجل سلاحا، فقد ارتفع الحظر من جهته ووجدت الإباحة، والإباحة إليه دون مالكه، فلم يجب على قاتله شيء، وليس كذلك في مسألتنا؛ لأن صاحبه يملك إباحته، ولم توجد الإباحة من جهته، فوجب أن لا يسقط الضمان عن متلفه كالطعام (٥).

قيل: هذا لا يوجب الفرق بينهما في مسألتنا كما لم يوجب الفرق بينهما في إباحة إتلافه، ولما ثبت تساويهما في جواز الإتلاف يجب أن يتساويا في إسقاط الضمان، وعلى السيد إن لم يملك إباحته فإن إباحته مؤثرة في إسقاط الضمان، بدليل أنه إذا أذن لغيره في قتله من غير صول لم يضمن قيمته، ولو قتله من غير إذن ضمن قيمته (٦).

فإن قيل: العبد يملك إباحة دمه بدلالة أنه لو ارتد عن الإسلام قتل، وكذلك لو قتل رجلًا عمدا أو أقر بقتل، فلما كان مالكًا لإباحة دمه من هذه الوجوه كذلك في حمله على غيره بالسلاح، وهذا معدوم في البهيمة (٧).

قيل: الإنسان لا يملك إباحة دمه ألا ترى أنه إذا قال لغيره: أبحت لك دمي، لم يجز


(١) ينظر: علم أصول الفقه (ص: ١٠١)، العدة في أصول الفقه (٤/ ١٢٤٨).
(٢) ينظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٣٤٩)، العدة في أصول الفقه (١٥٩).
(٣) ينظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٤٠٣)، المسودة ص (٥٧٦).
(٤) ينظر: شرح الكوكب المنير (١/ ٤٢٩)، العدة ص (١٦٨).
(٥) ينظر: تبيين الحقائق (٢/ ٦٧)، الغرة المنيفة (ص) ١٦٦، البناية (٤/ ٣٧١)، مجمع مجمع الضمانات (١/ ١٩٣).
(٦) ينظر: الإنصاف (٦/ ٢٤٣)، كشاف القناع (٤/ ١٢٩)، الحاوي (١٢/ ٣٣٥)، أسنى المطالب (٤/ ١٧٠)، مغني المحتاج (٥/ ٥٣٤).
(٧) ينظر: البناية (١١/ ٢٥٦)، تبيين الحقائق (٦/ ١١٦)، المبسوط (٢٥/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>