للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتج المخالف: بأن هذه الإضافة تقتضي الملك حقيقة ألا ترى أنه لو قال: هذه دار زيد أو هذه الدار لزيد كان هذا إقرار بالملك فلو قال: أردت أن السكنى له لم يقبل فإذا كان كذلك وجب أن تحمل يمينه على الحقيقة دون المجاز كما لو قال: والله لا مسست حمارًا أو سبعًا فمس رجلًا شجاعًا أو بليدًا لم يحنث؛ لأن اسم السبع والحمار مجاز في الرجل الشجاع والبليد وإضافة الدار إلى الساكن والدار إلى العبد مجاز.

بدليل: أنه يصح نفي الإضافة عنه فيقال ليست لزيد وإنما هو ساكن فيها ولا يصح نفيها عن مالكها؛ لأن الإضافة حقيقة (١).

والجواب: أن هذا يوجب أن لا يحنث إذا قال: لا آكل من ثمرة هذه النخلة أو من لبن هذه الشاة ولا خلاف أنه يحنث وإن كانت الإضافة مجازًا وإنما لم يجز حمل اليمين على ما استشهدوا به؛ لأن الإطلاق في العرف لا يتناولهما وليس كذلك ما اختلفنا فيه؛ لأن الإضافة إلى العبد والساكن في العرف موجودة فلهذا فرقنا بينهما (٢).

وجواب آخر: وهو أن إضافة السكنى وإن كانت مجازًا فإنها متعارف واليمين تحمل على المجاز المتعارف.

بدلالة: من حلف لا يأكل من هذه النخلة أو الكرمة حمل على ثمرتها ولم يحمل على خشبها والحقيقة أن نأكل من عنبها، والمجاز أكل ما تولد منها ولذلك حمل الشافعي يمينه على الشرب من ماء الفرات على الحقيقة والمجاز فقال: إن كرع منه حنث وهو الحقيقة وإن غرف بإناء وشرب حنث وهو مجاز للعرف، كذلك ههنا وأما إذا أقربها لزيد ثم قال: أردت السكنى فإنما لم يقبل منه؛ لأن الإضافة تقتضي التخصيص فإن أراد إضافة الملك لم يقبل رجوعه وإن أراد التصرف فقدا قوله باليد فلا يقبل قوله في استحقاق ما في يد المقر له وأما نفي الإضافة فلا يمنع الحقيقة كرجل له داران يملكهم لكنه يسكن في أحداهما فجاءه رجل يهنئه بالعيد يقصده في الدار التي لا يسكنها جاز أن


(١) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٤٥٥، ٤٥٦)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٥٠).
(٢) ينظر: الشرح الكبير على متن المقنع (١١/ ٢٤٣)، المبدع في شرح المقنع (٨/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>