للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن البر بمثابة الأمر من صاحب الشريعة والأمر يتناول اتحاد جميع المأمور به كقوله تعالى: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ [الفتح: ٢٧]، يقتضي دخوله بجملته والحنث في مقابلة النهي من صاحب الشريعة والنهي يتناول الجملة والأبعاض كقوله تعالى: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾ [التوبة: ٢٨].

وقوله: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣] فإنه يقتضي المنع عن الدخول بالجملة والأبعاض.

وجواب آخر: وهو أن البر طريقة الإباحة والحنث طريقة المنع والحظر فاعتبر في الإباحة أو في مما يعتبر في المنع كما قلنا في إباحة الزوجة لزوجها الأول يقف على شرطين زوج وإصابة والحظر يقع بشيء واحد وهو الطلاق الثلاث ولهم على هذا سؤال وقد تقدم وهو أن الحظر قد يعتبر فيه مثل ذلك وهو تحريم الربيبة يقف على العقد على الأم وعلى إصابتها وقد أجبنا عنه بأن تحريم الربيبة لا يشترط فيه العقد.

بدليل: أنه لو وطي امرأة في غير عقد حرمت بنتها بالوطي (١).

واحتج: بأن وجود بعض الصفة لا يوجب الحنث

دليله: إذا علقه على فعل غيره مثل أن يقول: إن قدم زيد وعمرو فأنت طالق فقدم أحدهما أو قال إن مات زيد وعمر فمات أحدهما أو قال لعبده: إن دخلت الدار اليوم فأنت حرًا وقال: إن دخلت وأنت فقيه أو مكتسي فدخل من الغد أو دخل عريانًا أو جاهلًا لم يعتق وكذا لو قال لعبده: إن جئتني بعشرين دينارًا فأنت حر فجاءه بخمسة عشر لم يعتق، وقد نص أحمد على هذا في رواية مهنا وقد سأله عن رجل قال لغلامه: إذا أديت إلي عشرين عشرين دينارًا فأنت حر فأدى خمسة عشر دينارًا ثمّ مات المولى لا يكون حرًا هو مملوك فلم يحكم بعتقه بأداء بعض الدنانير وإن كنا نعلم أن الأداء صفة في عتقه (٢).


(١) ينظر: حاشية الروض المربع (٦/ ٢٩١)، وشرح منتهى الإرادات (٣/ ١٣٨).
(٢) ينظر: تحفة الفقهاء (٢/ ٣١٢)، بدائع الصنائع (٣/ ٣٧)، فتح العزيز بشرح الوجيز (١٣/ ٢٨٤)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>