للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: نواهي صاحب الشريعة يقتضي التحريم فلهذا تناولت الجملة والبعض وليس كذلك هاهنا؛ لأن هذه يمين معلقة بشرط ولم يوجد الشرط.

قيل: قد وجد شرطها؛ لأن الحالف قصد التحريم والمنع من المحلوف عليه وقد بينا أن المطلق من كلام الآدميين محمول على المعهود في الشرع من الوجه الذي بينا على أن علة الأصل تبطل بنهي صاحب الشريعة عن حمل النجاسة في الصلاة والعمل فيها ولم يتناول جميع ذلك؛ لأن القليل من ذلك معفو عنه وطريقة أخرى وهو أن بعض المحلوف عليه لو أفرده باليمين وحنث فيه وجبت الكفارة فإذا ضمه إلى غيره وفعله وجبت الكفارة كما لو قال: والله لا كلمت زيدًا ولا عمرًا فكلم أحدهما حنث كذلك هاهنا (١).

فإن قيل: لنا في هذه المسألة قولان:

أحدهما لا يحنث حتى يكلمهما جميعًا فلا فرق بينهما.

قيل: إذا لم يسلم دللنا عليه وقلنا قد يقصد الحالف في العادة الامتناع من خطاب كل واحد منهما على الانفراد؛ لأن كل واحد منهما قد يعاد أو الإيمان على قصد الحالف.

بدليل: الرؤوس والشرب من النهر وغير ذلك (٢).

فإن قيل: نسلم لكم هذا ولكن الفرق بينهما أن هناك يمينين فلهذا حنث بكلام كل واحد منهما على الانفراد وليس كذلك هاهنا؛ لأنها يمين واحدة ولم يوجد شرطها (٣).

قيل: ليس كذلك بل هناك يمين واحدة علقها على جملتين فهو بمثابة قوله والله لا أكلت هذين الرغيفين، وقد ثبت أن هناك يمينًا واحدة كذلك في زيد وعمرو.

والذي يدل على أنها يمين واحدة: أنه إذا كلم أحدهما يحنث ثمّ كلم الآخر لم يلزمه حنث ثاني ولا كفارة ثانية، ولأنها بمثابة قوله لزوجته: أنت طالق إن دخلت الدار وكلمت زيدًا فدخلت الدار لم يقع الطلاق عندهم؛ لأنها يمين واحدة علقها بشرطين وقد وجد


(١) ينظر: تحفة الفقهاء (٢/ ٣١٢)، وبدائع الصنائع (٣/ ٣٧)، فتح العزيز بشرح الوجيز (١٢/ ٢٨٤)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٤٦).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع (٣/ ٣٧) فتح العزيز بشرح الوجيز (١٢/ ٢٨٤)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٤٦).
(٣) ينظر: بدائع الصنائع (٣/ ٣٧)، فتح العزيز بشرح الوجيز (١٢/ ٢٨٤)، المجموع شرح المهذب (١٨/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>