للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل المروذي عن أحمد في رجل حلف على ابنه أن لا يعطيه شيئًا في الحج فأفتى أن يهب له ما شاء بعد انقضاء حجه فغضب وقال: هذا قول ردي (١) وهذا يؤكد مسألة الخلاف في اعتبار السبب لأنَّه قصد أن لا يصله بشيء من ماله.

واحتج المخالف: بأن قوله: لا شربت لك الماء لا يتناول الامتناع من أكل طعامه لا حقيقة ولا مجازًا فلو حنثناه بذلك لكنا قد حنثناه بما لا يتناوله اللفظ فلم يجز كما لو حلف لا لبست ثوبًا فركب دابة (٢).

والجواب: أنه لا يمتنع أن يتناوله اللفظ حقيقة ولا مجازا ولكن يتناوله الحكم لوجود دلالة الحال كما قلنا في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: ٣٣]، وكما قلنا في الخليفة: إذا حلف لا بعت طعامًا فوكل غيره فيه وعلى أنه لا اعتبار عندك بما يتناوله اللفظ (٣).

بدليل: الرؤوس يطرح اللفظ فيها وأما إذا حلف لا لبست ثوبًا فركب دابة فإنما لم يحنث؛ لأن دلالة الحال لم تدل على المنع ولا وجد منه القصد إلى ذلك وهذا بخلافه (٤).

واحتج: بأن اللفظ لم يتناول وإنما قصده بقلبه فلو حنثناه بذلك حنثناه بالنية دون اللفظ فهو كما لو نوى ذلك ولم يلفظ به (٥).

والجواب: أنا لم نحنثه بمجرد النية وإنما حنثناه بلفظ يضمن ذلك ودل عليه كما فعلنا ذلك في المسائل التي ذكرناها (٦).


(١) لم أقف على هذه الرواية فيما بين يدي من كتب.
(٢) ينظر: نهاية المطلب (١٨/ ٣٥١)، والمبسوط (٨/ ١٧٥)، وبدائع الصنائع (٣/ ٦٦).
(٣) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٣٧٨)، فتح العزيز بشرح الوجيز (١٢/ ٢٩٤)، بداية المبتدي (١/ ٩٩).
(٤) ينظر: الهداية على مذهب الإمام (ص ٤٥٩)، والكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٩٧)، والمغني (٩/ ٥٢٨).
(٥) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٣٦٢).
(٦) ينظر: الهداية على مذهب الإمام (ص ٤٥٩)، والكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٩٧)، والمغني (٩/ ٥٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>