للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنث؛ لأن مطلق العرف في ذلك أن يعرف (١)، وكذلك لو حلف السلطان لا بعت فوكل حنث؛ لأن هذا هو العرف في حقه كذلك هاهنا (٢).

فإن قيل: إذا خصصناه بالعرف حملناه على ما يصلح له الاسم فجاز ذلك وإذا عممناه حملناه على ما لا يصلح الاسم له إذا كان مفهوم الخطاب يدل عليه كألفاظ صاحب الشريعة فإنه قال تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣]، فهم من إطلاقه تحريم الضرب والشتم وإن كان اسم التأفيف لا يصلح لذلك وكذلك إذا حلف لا شربت من دجلة ولا هذه الشاة ولا من هذه النخلة فغرف منها وحلب منها ولقط حنث وإن لم تتناوله اليمين حقيقة وعلى أن الاسم صالح له من جهة المعنى في عرف التخاطب (٣) وعلى أن أبا حنيفة قد قال: إذا حلف لا يضربها فنتف شعرها أو خنقها أو حلف لا يشم البنفسج فشم دهنه حنث في جميع ذلك (٤) والاسم معدوم، وأيضًا فإن الحقيقة قد تترك في اليمين للمجاز المتعارف لأجل مقصود الحالف ..

بدليل: أنه لو حلف لا شربت من دجلة فغرف وشرب حنث للعرف وإن كان الحقيقة الكرع (٥)، وكذلك لو حلف لا أكلت من هذه النخلة والكرمة فلقط من ثمرتها أو لا شربت من هذه الشاة فحلب لبنها في إناء وشربه حنث ويحصل الثمرة والماء واللبن مضمرًا (٦) وأيضًا فإن المطلق من كلام الآدميين محمول على المعهود في الشرع (٧)

يدل عليه: النذور كلها تحمل على مقتضى الشرع فإذا نذر أن يضحي بشاة حمل


(١) ينظر الأم للشافعي (٧/ ٧٨)، والحاوي الكبير (١٥/ ٣٨٢).
(٢) ينظر: الحاوي الكبير (١٥/ ٣٧٨)، فتح العزيز بشرح الوجيز (١٢/ ٢٩٤)، وبداية المبتدي (١/ ٩٩).
(٣) ينظر: الهداية في مذهب الإمام أحمد (ص ٤٥٥)، والمغني (٩/ ٥٩١).
(٤) ينظر: البناية شرح الهداية (٦/ ٢٤٥)، والاختيار لتعليل المحتار (٤/ ٧٢).
(٥) ينظر: الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص ٤٥٥)، والمحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد (٢/ ٧٨).
(٦) ينظر: الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص ٤٥٥)، والمبدع (٦/ ٣٩٩)، وبدائع الصنائع (٣/ ٦٥)، والاختيار لتعليل المختار (٤/ ٦٨)، وتبيين الحقائق (٣/ ١٢٥).
(٧) ينظر: المغني (٦/ ٢٠)، والمجموع (١٥/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>