للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فعندكم أنه إذا حلف لا أكلت الرؤوس فإنه يحنث بأكل جميعها ولا يختص ببعضها (١).

قيل: نحن ألزمناكم هذا على أصولكم فأما على أصولنا فإننا نعتبر العرف في التعميم لا في التخصيص، ولهذا قال أحمد في رواية محمد ابن أبي حرب الجراجراي (٢) إذا قال: والله لا صدت في هذا النهر لظلم رآه فزال الظلم يفي بنذره (٣)، وإنما لم يخص يمينه ببعض الرؤوس؛ لأنا لو اعتبرنا القصد في الرؤوس أطرحنا الحقيقة في بقيتها وإذا اعتبرنا العرف في غيرها، فلم نطرح الحقيقة؛ لأنا نقول يحنث بأكل الخبز وشرب الماء فهو كما لو حلف لا شربت من هذا النهر فغرف وشرب حنث؛ لأنَّه لو كرع بفيه لم يحنث وهذا جواب معتمد (٤).

وقد قيل: إن ذلك عرف قائم في الفعل وهو يختلف باختلاف المواضع واختلاف أهلها فلهذا لم يعتبر به وليس كذلك فيما اختلفنا فيه؛ لأن هذا عرف قائم في التخاطب وهو غير مختلف باختلاف المواضع وأهلها فلهذا اعتبرناه وليس يمتنع أن نعم به ولا نخصص كالقياس نعمم به النص ويراد به علي حكمه ولا نخصص به النص.

فإن قيل: إنما خصصنا اليمين برؤوس الأنعام؛ لأن هناك عرفًا قائمًا في الاسم وليس كذلك هاهنا؛ لأن هذا العرف في الفعل فلا يعتبر به (٥).

قيل: العرف في الحضري إذا قال: لا دخلت بيتا أنه قصد البيوت المبنية، وقد قال الشافعي: لو دخل بيتًا من شعر حنث فلم يعتبر العرف في الاسم وعلى أن العرف في الفعل معتبر في اليمين (٦)، ولهذا قال الشافعي لو حلف لا شربت من دجلة فغرف منها وشرب


(١) ينظر: الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص ٤٥٤)، والشرح الكبير (١١/ ٢٥٩)
(٢) لم أقف على ترجمتة.
(٣) لم أقف على هذه الرواية، وينظر: شرح الزركشي (٧/ ١٦٠)، والفروع (١١/ ٢٠).
(٤) ينظر: الفروع (١١/ ٥٠)، والمبدع شرح المقنع (٨/ ١١٣)، وقد نسب هذا الجواب لابن عقيل.
(٥) ينظر: الفروع (١١/ ٥٠)، والمبدع شرح المقنع (٨/ ١١٣).
(٦) ينظر: التنبيه في فقه الإمام الشافعي (ص ١٩٥)، والمجموع شرح المهذب (١٨/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>