للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: قوله "ما أسكر كثيره فقليله حرام" يقتضي أن يكون المحرم هو القليل وعندكم أن قليله وكثيره حرام، وهذا خلاف ما يقتضيه الخبر (١).

قيل: إذا حرم اليسير الذي ليس بمسكر كان تحريم الكثير المسكر أولى من طريق التنبيه، وعلى أن الخبر اقتضى أن السكر يقع بالكثير؛ لأنه نسب السكر إليه، وعند مخالفنا أن المسكر إنما هو القليل الذي يقع السكر عقيبه، وهو الجزء الأخير الذي يقع السكر عقيبه (٢).

فإن قيل: لا يقع السكر عقيب القليل إلا بشرب ما تقدم من كثيره، فأبان أن السكر وإن كان جاريا من الجميع، فالمحرم منه هو القليل الذي حصل السكر عنده دون الكثير الذي لم يحصل عقيبه (٣).

قيل: ما تقدم القليل ليس بمسكر عند مخالفنا ولا محرم، وإنما المسكر المحرم هو اليسير الذي يعقبه السكر، فلا يصح هذا التأويل، وعلى أن معنى هذا الكلام أن الشراب الذي يسكر كثيره، فالقليل الذي لا يسكر حرام؛ لأنه يسبب السكر إلى الكثير، فيجب أن يكون اليسير غير مسكر (٤).

فإن قيل: فإن صح أنه أراد به تحريم الكثير لكان معناه: إذا قصد عند ابتداء شربه إلى بلوغ حد السكر أن جميعه عليه حرام؛ لأنه قصد بالشرب معصية، وأرادها بالشرب كله وهو السكر، وروي هذا التأويل عن أبي يوسف (٥).

قيل: النبي أطلق التحريم، ولم يعتبر قصده ونيته في ذلك، ولأن النبي جعل العلة في تحريمه قصده ونيته وهذا خلاف في تعليل الخبر (٦).


(١) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ١١٧)، الهداية (٤/ ٣٩٧)، العناية (١٠/ ٢٠٢)، رد المحتار (٤/ ٤٢).
(٢) ينظر: شرح الزركشي (٦/ ٣٨٦)، الروض المربع (١/ ٦٧٠)، الحاوي (١٣/ ٣٩٢).
(٣) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ١١٧)، العناية (١٠/ ٢٠٢)، رد المحتار (٤/ ٤٢).
(٤) ينظر: شرح الزركشي (٦/ ٣٨٦)، الروض المربع (١/ ٦٧٠)، الحاوي (١٣/ ٣٩٢).
(٥) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ١١٧)، تبيين الحقائق (٦/ ٤٦)، العناية (١٠/ ٢٠٢)، رد المحتار (٤/ ٤٢).
(٦) ينظر: شرح الزركشي (٦/ ٣٨٦)، الروض المربع (١/ ٦٧٠)، الحاوي (١٣/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>