للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: نحمل قوله: إنما الذبح بعد الصلاة يعني بعد وقت الصلاة ويحتمل أن يكون أمر بالإعادة؛ لأن الذبح كان قبل وقتها ويحتمل أن يكون أمر بذلك استحبابًا.

بدليل: أنه لو أخر الصلاة حتى زالت الشمس جاز الذبح (١).

قيل: أما قولك يحمل ذكر الصلاة على الوقت فلا يصح؛ لأن حقيقة الصلاة عبارة عن الأفعال، ولأنه قال في بعض الألفاظ "أول ما نبدأ أن نصلي ثم نرجع فننحر"، وهذا لا يعبر به عن الوقت لا حقيقة ولا مجازًا.

وقولهم: يحتمل أن يكون أبو بردة ذبح قبل الوقت لا يصح؛ لأنه قال: "أعد إنما الذبح بعد الصلاة".

وقولهم: يحتمل أن يكون أمر بذلك استحبابًا فلا يصح؛ لأن إطلاق الأمر يقتضي الوجوب، وأيضًا فإنه لما علق جوازها بأداء الصلاة في وقتها لم يجز قبلها كالعصر لما علق جوازها بعد الظهر في وقتها في حق الجمع لم يجز قبلها وكذلك الوتر بعد العشاء (٢).

فإن قيل: لا نسلم أنه علق جوازها بفعل الصلاة وإنما علق بوقت الصلاة والخطبتين (٣).

قيل: قد أجبنا عن هذا من وجهين:

أحدهما: أن حقيقة الصلاة عبارة عن الأفعال، ولأنه قال: أول ما نبدأ أن نصلي ثم نرجع فننحر وهذا لا يعبر به عن الوقت لا حقيقة ولا مجازًا وأيضًا فإن قبل الصلاة ليس بوقت لخطبة العيد مع بقاء الخطاب بالصلاة فلم يكن وقتًا للأضحية.

دليله: قبل مضي وقت يمكن فيه الصلاة ولا يلزم عليه ما بعد الزوال واليوم الثاني والثالث إذا لم يصل الإمام لقولنا مع بقاء الخطاب بالصلاة وإن شئت قلت: ذبح مع بقاء الخطاب عليه بصلاة العيد في وقتها فوجب أن لا يجوز.


(١) ينظر: حاشية إعانة الطالبين (٢/ ٣٧٧)، المجموع (٨/ ٣٨٩)، حاشيتا قليوبي وعميرة (١٦/ ١١١).
(٢) ينظر: الإنصاف (٣/ ٣١٥)، العدة (ص ١٩٠)، الفروع (٥/ ٢٨٠).
(٣) ينظر: كفاية الأخيار (ص ٥٣١)، حاشية إعانة الطالبين (٢/ ٣٧٧)، المجموع (٨/ ٣٨٩)، حاشيتا قليوبي وعميرة (١٦/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>