كتاب التعليقة الكبيرة - أبو يعلى - من الأشربة للأيمان

قيل: لا يمنع بأخذه بغير ضمان كالطعام والعلف في دار الحرب يتصرف فيه الغانمون لأجل الحاجة من غير ضمان (١).

فإن قيل: لو كانت واجبة لوجب موضع النزول أيضًا؛ لأن الحاجة تدعوا إلى ذلك (٢).

قيل: هكذا نقول؛ لأن حاجتهم إلى المنازل كحاجتهم إلى الضيافة تقيهم الحر والبرد والذي يقتضي أن يكون موضع النزول في المساجد؛ لأن عمر ﵁ شرط على أهل الذمة النزول في بيعهم وكنائسهم فإن لم تسعهم المساجد نزلوا في فضول منازل ذي الحاجة فإن لم تسعهم نزلوا في غير المنازل، ولم يكن لهم أن يحولوا صاحب الدار عن داره فإن جاؤوا معًا أقرع بينهم، وإن غلب بعضهم فنزل كان أحق به (٣).

واحتج بأنه: لما لم يلزمه الضيافة في الليلة الثانية والثالثة كذلك الأولى (٤).

والجواب: أنه لا يمتنع أن لا يلزم فيما زاد على الأولى ويلزم في الأولى؛ كما لم يلزم الغسلة الثانية والثالثة ولزمت الأولى (٥)؛ وكما لم يلزم التسليمة الثانية عند مخالفنا، ولزمت الأولى (٦)، وكما لم يلزم التسبيحة الثانية والثالثة عندنا ولزمت الأولى (٧)، وعلى أنه إنما لزمت الأولى؛ لأن الحاجة تدعو إليها؛ لأن المسافر قد يرد إلى القرية في وقت يتعذر عليه شرى القوت فيه ويزول ذلك من الغد؛ لأنه يمكنه الطلب فلزمه ذلك في الأولى ولم يلزمه في الثانية (٨).

(١) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٣٦)، المغني (٩/ ٢٧٨).
(٢) ينظر: الاستذكار (١/ ٥٦٥٤)، البيان والتحصيل (١٨/ ٢٨٠)، المجموع (٩/ ٥٧)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٤/ ٥٢٠).
(٣) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٧٥)، مطالب أولي النهى (٢/ ٦٠١).
(٤) ينظر: المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (٢/ ٣١٦)، البيان والتحصيل (١٨/ ٣٨٠)، المجموع (٩/ ٥٧)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٤/ ٥٢٠).
(٥) الشرح الكبير للدردير (١/ ١٠١)، بلغة السالك (١/ ٨٦).
(٦) ينظر: المحيط البرهاني (٢/ ١٧٣)، الإقناع، للشربيني (١/ ١٤٥).
(٧) ينظر: كشاف القناع (١/ ٣٤٧)، الروض المربع (١/ ٧٠).
ينظر: المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (٢/ ٣١٦)، البيان والتحصيل (١٨/ ٢٨٠) والكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ١١٤٠)، المجموع (٩/ ٥٧)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٤/ ٥٢٠).
(٨) ينظر: المبدع شرح المقنع (٨/ ٢٠)، الإنصاف (١٠/ ٣٧٩).