للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحر، ولا يجوز أن يضاف الفعل إلى البحر؛ لأن البحر ليس بمصيد؛ فدل على أن المراد به المصيد الذي هو المحرم.

ويبين صحة هذا أن قوله: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ﴾ [المائدة: ٩٦]، وأراد به مصيده، ولم يرد به الفعل (١)، وأيضًا: قول النبي : "هو الطهور ماؤه والحل ميتته" (٢).

وروى الدارقطني بإسناده عن جابر قال: قال رسول الله : "ما من دابة في البحر إلا قد ذكاها الله لبني آدم" (٣). وهذا عام، ولأنه منسوب إلى الماء، ولم ينه عن قتله، ولا له ناب يخرج به؛ فكان مباحا كالسمك، ولا يلزم عليه الضفدع؛ لأنه قد نهى عن قتله، ولا التمساح والكوسج؛ لأن له نابا يجرح به، ولا يلزم عليه سباع البر؛ لقولنا: منسوب إلى البحر (٤).

واحتج المخالف بقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٥].

ومنها دليلان:

أحدهما: أن ظاهره يقتضي تحريم كل ميتة، وهذا ميتة.

والثاني: أنه حرم لحم الخنزير، ولم يفرق بين خنزير الماء وغيره (٥).


(١) ينظر: شرح الزركشي (٦/ ٦٠٠)، العدة شرح العمدة (٢/ ٨٥)، المبدع شرح المقنع (٣/ ٨٣).
(٢) سبق تخريجه (٢/ ١٦٨).
(٣) أخرجه الدارقطني في سننه الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك رقم (٤٧١١)، قال الذهبي: حدثنا شبابة، نا حمزة، عن عمر بن دينار، عن جابر، قال رسول الله : "ما من دابة في البحر إلا قد ذكاها الله لبني آدم".
قال أبو بكر: حدثنا فهير بن زياد، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله ابن سرجس، قال رسول الله : "ذبح كل نون في البحر لبني آدم". رواهما الدارقطني، قال الذهبي: هما ضعيفان، وقال الألباني: ضعيف جدًا.
ينظر: تنقيح كتاب التحقيق في أحاديث التعليق (٢/ ٢٩٧) ضعيف الجامع الصغير وزيادته (ص: ٧٤٦).
(٤) ينظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٥٥٨)، المغني (٩/ ٤٢٥)، كشاف القناع (٢/ ٤٣٩)، الشرح الكبير (١١/ ٨٩)، المغني (١١/ ٨٥).
(٥) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ٣٥)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٥١)، اللباب في شرح الكتاب (١/ ٣٤٩)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>