للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا نسلم هذا، بل هو في حال الاتصال أبلغ في القطع وأمكن، ثم هذا لا يوجب الفرق بينهما في حصول الذكاة، كما لم يوجبه في المنع والتحريم؛ فإنهما قد تساويا في منع الذكاة بالمتصل، ولأن ما لا يجوز الذكاة به إذا كان متصلا لم تجز الذكاة به إذا كان منفصلا، كاليد إذا أبان بها رأس طائر لم يكن ذكاة سواء كانت متصلة أو منفصلة، وعكسه الحديد لما جاز أن يذكى به إذا كان منفصلا عن غيره، جاز أن يذكى به إذا كان متصلا بغيره (١).

فإن قيل: اليد لا تفري والسن والظفر يفري (٢).

قيل: هذا باطل بحال الاتصال وعلى أن اليد تقطع الأوداج؛ لأنه يبين رأس الطائر بيده ويقطعه كما يقطع الحديد، ولأن أبا حنيفة وإن حكم بصحة الذكاة فإنه يمنع من فعلها على هذا الوجه (٣)، وكل ذكاة منع منها لحق الله تعالى لم يبح.

دليله: ذكاة المجوسي (٤) والمرتد، وفيه احتراز من ذبح شاة الغير بغير إذنه؛ لأن الحق لآدمي (٥).

واحتج المخالف بما: روى أبو داود بإسناده عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إن أحدنا أصاب صيدا وليس معه سكين أيذبح بالمروة وشقة العصا؟ فقال: "أمرر الدم بما شئت، واذكر اسم الله" (٦).

والجواب: أن هذا محمول على غير السن والظفر؛ لأنه استثنى ذلك في خبرنا؛ فهو أولى (٧).

واحتج بأنه: يفري الأوداج؛ فجاز أن يكون آلة الذكاة.


(١) ينظر: المغني (١١/ ٤٣)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٥٤٧)، الحاوي (١٥/ ٦٣).
(٢) ينظر: المبسوط (١١/ ٤١٠)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٩١).
(٣) ينظر: المبسوط (١٢/ ٢)، الاختيار لتعليل المختار (٥/ ١٢).
(٤) سبق تعريفه ص ٦٦١.
(٥) مذهب الحنابلة أن ذبح شاة الغير بغير إذنه لا يصير لها حكم الميتة مع حرمة الفعل.
ينظر: الشرح الكبير (١١/ ٥٠)، الهداية (١/ ٥٥٢).
(٦) ينظر: المبسوط (١٢/ ٢)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٩١)، مجمع الأنهر (٤/ ١٥٩).
(٧) ينظر: المغني (١١/ ٤٣)، الشرح الكبير (١١/ ٥٠)، الروض المربع (١/ ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>