للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه سأله عن صيد المناجل ولم ينكر ذلك.

والثاني: أنه خص التحريم بما بأن منه، فدل على أن ما لم يبين منه مباح ولا يعرف له مخالف في الصحابة (١)، ولأنه قصد إلى قبل الصيد بما له حد أشبه لو رماه بالمناجل والسهم، ولا يلزم عليه إذا أرسل سهمه على هدف أو في الهواء فأصاب صيدا أنه لا يباح؛ لأنه غير قاصد إلى قتل الصيد؛ لأن القصد المعتاد في الرامي يسير إلى صيد موجود والعادة في صيد المناجل إن ينصب لصيد يوجد في الثاني، ولأن إباحة الصيد حكم يتعلق بإتلاف الحيوان إذا كان مباشرة فتعلق به إذا كان سببًا.

دليله: ضمان الآدمي فإنه قد استوى فيه المباشرة وهو القتل وحفر البئر وهو السبب في ضمان الدية يجب أن يستوي المباشرة والسبب وإباحة الصيد.

فإن قيل: ضمان الآدميين أوسع.

بدليل: أنه لا يعتبر فيه القصد وهو إذا رمى سهما فوقع على إنسان فقتله كان عليه الضمان ولو كانت بيده سكين يلعب بها أو يقلبها فوقعت على حلق شاة فذبحتها لم تبح الشاة، وإذا كان أوسع لم يجز اعتبار أحديهما بالآخر. قيل: بل الذكاة أوسع (٢).

بدليل: أنه لو أرسل كلبه أو فهده على صيد فعقر آدميا لم يضمنه ولو قتل صيدا حل أكله. وعلى أنهما إنما افترقا من هذا الوجه لمعنى وهو أن الصيد من شرط إباحته وجود القصد، فإذا رمى الهواء فأصاب طائرا لم يبح؛ لعدم القصد وبنصب المناجل قد وجد القصد فاستويا في الإباحة (٣).

وجواب آخر وهو: أنه لا يمتنع أن يكون ضمان الآدمي أوسع ويتساويان في أن كل واحد منهما يعتبر فيه المباشرة والسبب كالقصاص والدية، نحن نعلم أن ضمان الدية أوسع من إيجاب القصاص ومع هذا ثبت القصاص بالمباشرة وبالسبب وهو رجوع


= ينظر: تهذيب الكمال (٢٦/ ٤٩٦)، تهذيب التهذيب (٩/ ٤٧١).
(١) ينظر: المحلى بالآثار (٦/ ١٦١).
(٢) ينظر الشرح الكبير (١١/ ١٥)، المبدع شرح المقنع (٩/ ٢٠٦)، الإنصاف (١٠/ ٣١٦)، الإقناع في فقه الإمام أحمد (٤/ ٣٢٥)، منتهى الإرادات (٥/ ١٩٨)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (٦/ ٣٤٥).
(٣) المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>