للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدلالة: أن الفعل الأول لو طرأت فيه شبهة حد بالثاني لكن الشريعة أسقطت أحد الحدين بعد وجوبه، وأما العجز الثاني فحدوث العلم بالبنوة لا يتعلق به لمن عرف العجز الثاني فحدوث العلم بالبنوة لا يتعلق به لمن عرف العجز الأول كما أن السبي في مسألتنا لم يحدث الرق.

والجواب: الصحيح عن هذا: إنما جاز أن يطرأ بسبب الزنا على الزنا والمعجزة على المعجزة والحدث على الحدث لوجود أسبابها؛ لأن معنى الزنا بمحض تحريمه وانتفت شبهة وهذا موجود في الثاني، والمعجزة ما خرقت العادة، والحدث خروج النجاسة من البدن وهذا موجود في الثاني، فأما الاسترقاق فهو طريان الرق على الحرية وهذا معلوم (١).

واحتج المخالف بقوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] معنى ذوات الأزواج محرمات عليكم إلا ما ملكتم منهن وهذا قد ملكها فيجب أن لا تكون محرمة عليه، وقوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، وقول النبي في سبايا أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع ولا حايل حتى تستبرئ بحيضة" (٢).

والجواب: أنا نخص الآية والخبر ونحملهما على المسبية إذا لم يكن معها زوجها.

بدليل: ما ذكرنا (٣).

فإن قيل: روى أبو سعيد الخدري أن الآية نزلت في سبايا أوطاس لما أخذ النساء مع أزواجهن (٤).


(١) ينظر: المغني (٩/ ٢٦٨)، الإنصاف (٤/ ١٣٥ - ١٣٦)، الكافي في فقه أحمد (٤/ ١٣٢).
(٢) أخرجه أحمد في المسند رقم (١١٥٩٦)، سنن أبو داود، باب في وطء السبايا (٢/ ٢٤٨)، وقال الألباني: صحيح.
(٣) ينظر المغني (٩/ ٢٦٨)، الإنصاف (٤/ ١٣٥ - ١٣٦).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء (رقم ١٤٥٦) وأبو داود في كتاب النكاح، باب في وطء السبايا (رقم ٢١٥٥) والترمذي في أبواب تفسير القرآن، باب: ومن سورة النساء (رقم ٣٠١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>