للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: نعم فخرج معه (١).

فوجه الدلالة: أن النبي لم يستعن بالكافر (٢).

فإن قيل: يحتمل أن يكون اتهمه على المسلمين أو كان بالمسلمين كثرة (٣).

قيل: لو كان كما ذكرت لكان يكفي فيه رده، فلما قال: "لا نستعين بمشرك" دل على أن العلة في امتناعه وجود الكفر (٤)

قيل: لا يجوز ادعاء النسخ مع إمكان التأويل، ونحن نتأول أخبارهم على ما نذكره ولأنه لا يؤمن مكره بالمسلمين ولا يسره قتل أهل دينه؛ قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٠]، وإذا كان كذلك لم يستعن به كالمخذل ولأنه لو جاز أن يستعان به لم يفترق الحال بين أن يكون بالمسلمين كثرة أو قلة ولما لم يجز أن يستعان به إذا كان بالمسلمين كثرة لم يجز إذا كان قلة كالمخذل ولأنه لو جاز أن يستعان به علم المشركين جاز أن يستعان به على البغاة كالمسلمين، ولما قال الشافعي: لا يستعان به على قتال البغاة كذلك على قتال الكفار كالمخذل (٥).

واحتج المخالف: بما روي أن عبد الله بن أبي السلول (٦) حضر مع النبي الجهاد وهو منافق ورأس المنافقين، وروي أنه حمل صفوان بن أمية عام هوازن بعد فتح مكة لثمان من الهجرة وهو مشرك (٧) وحمل يهود بني


(١) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر، رقم (١٨١٧).
(٢) ينظر: المغني (٩/ ٢٥٦)، عمدة الفقه (ص ١٤١)، المبدع (٣/ ٣٠٦).
(٣) ينظر: السير الصغير (ص ٢٤٩)، المبسوط (١٠/ ١٣٨)، الأم (٤/ ٢٧٦)، الحاوي الكبير (١٣/ ١٣٠).
(٤) ينظر: المغني (٩/ ٢٥٦)، الشرح الكبير (١٠/ ٤٢٨)، المبدع (٣/ ٣٠٦)
(٥) ينظر: المغني (٩/ ٢٥٦)، الشرح الكبير (١٠/ ٤٢٨)، المبدع (٣/ ٣٠٦).
(٦) هو عبد الله بن أبي بن سلول، ويكنى أبا الحباب، من بني عوف بن الخزرج، وكانت الخزرج قد اجتمعت على أن يتوجوه، ويسندوا أمرهم إليه قبل مبعث النبي ، فلما جاء الله بالإسلام نفس على رسول الله النبوة، وأخذته العزة، فكأن رأس المنافقين في المدينة، وممن تولى كبر الإفك في عَائِشَة ، توفي سنة ٩ للهجرة. ينظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، (٣/ ٩٤٢)، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، (٣/ ٣٧٧).
(٧) أخرجه مالك في كتاب النكاح، باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله، رقم (٤٤)، وعبد الرزاق في كتاب الطلاق، باب متى أدرك الإسلام من نكاح أو طلاق، رقم (١٢٦٤٦) من طريق الزهري مرسلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>