للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبدان (١) بحديث عبد الله أنه اشترك هو وسعد وعمار في الغنيمة (٢) فقيل له: كيف يشتركون ومن أصاب شيئًا رفعه إلى الإمام فقال: يشتركون من قتل قتيلًا فله سلبه.

فقد احتج: في جواز ذلك بحديث ابن مسعود وكان ذلك في غزاة بدر وبين أن ذلك في الأسلاب، فلو كانت للنبي وإن ذلك على طريق النفل لم يحتج به على جواز الشركة، ولأنه بين أن الشركة في الأسلاب ومن قال كانت للنبي يعم الأسلاب وغيرها.

والدلالة على أن الغنائم ما كانت للنبي قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]، وقوله: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى﴾ [الحشر: ٧].

وقوله : "ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس" (٣)، وهذا كله ينفي أن يكون له أربعة أخماسه، ولأنه لو كان كما قالوه لم يصح أن يملك المجهول ويملك بشرط ولأن أبا العاص زوج بنت رسول الله كان أسيرًا في غزاة بدر فأفتدت زوجته زينب بقلادة لها لتفديه بها فأخبر النبي الغانمين (٤) بذلك، فلو كانت ملكًا له لم يوقف ذلك عليهم،


(١) معنى شركة الأبدان، أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم، كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم، فما رزق الله تعالى فهو بينهم. وإن اشتركوا فيما يكتسبون من المباح، كالحطب، والحشيش، والثمار المأخوذة من الجبال، والمعادن، والتلصص على دار الحرب، فهذا جائز.
ينظر: المغني (٥/ ٤)، الكافي (٢/ ١٤٩).
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الشركة على غير رأس مال، برقم (٣٣٨٨)، والنسائي في كتاب المزارعة، باب شركة الأبدان، رقم (٣٩٣٧)، وكتاب البيوع، باب الشركة بغير مال، رقم (٤٦٩٧)، وفي الكبرى رقم (٤٦٥٤)، (٦٢٥٠)، (٨٦٠٥)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب الشركة والمضاربة، رقم (٢٢٨٨).
كلهم من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود به.
وأعله الحافظ ابن عبد الهادي في التنقيح (٤/ ١٤٨): "وأبو عبيدة: لم يسمع من أبيه".
(٣) حديث عبادة بن الصامت أخرجه النسائي في كتاب قسم الفيء، رقم (٤١٣٨)، وأحمد في المسند رقم (٢٢٧١٨)، وابن حبان في الصحيح رقم (٤٨٥٥)، والحاكم في المستدرك رقم (٤٣٧٠).
والحديث صححه ابن حبان، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٤١)، وسكت عنه الحاكم، والذهبي.
(٤) حديث عائشة أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في فداء الأسير بالمال، رقم (٢٦٩٢)، وأحمد في المسند رقم (٢٦٣٦٢)، وابن الجارود في المنتقى رقم (١٠٩٠)، والحاكم في المستدرك رقم (٤٣٠٦)، (٥٠٣٨)، (٥٤٠٩)، (٦٨٤٠)، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وصححه ابن الجارود. وحسن إسناده ابن الملقن في البدر المنير (٩/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>