للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ﷿ له ولأتباعه: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤].

وقال ﷿: ﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: ١ - ٣].

فلم يخل جل ثناؤه أحدًا من مكرمي رسله، وأنبيائه ومقربي أصفيائه وأوليائه، من محنة في عاجلته دون آجلته، يستوجب بصبره عليها ما أعد له من الدرجات، التي قسم مصيره إليها، وجعل سبحانه علماء الأمم، الماضين خلفاء أنبيائهم المرسلين، والقوام بما جاءوا به من الدين، يرخصون عن أحكامه، ويحامون عن حدوده، وأعلامه يدفعون عنه كيد الشيطان، ويحرسونه من الترك والنسيان، لا يصدهم عن التمسك بالحق، ولا يثنيهم عن التعطف على الخلق، سوء ما به ينالون توخيا لثواب الله الذي له يطلبون، وفيه يرغبون. ثم جعل سبحانه علماء هذه الأمة، أفضل علماء الأمم قسما، وأوفرهم من الخيرات حظا، أعد لهم الكرامات، وقسم لهم المنازل والدرجات، مع ابتلائه سبحانه لمؤمنيهم بالمنافقين، ولصادقيهم بالمكذبين، ولخيارهم بالأشرار، ولصالحيهم بالفجار، وللأماثل الرفعاء بأوضع السفهاء، فلم يكن يثني العلماء ما يلقونه من الأذى، عن القيام بحقوق الله تعالى في عباده، وإظهار الحق في بلاده.

ولقد كان الوالد السعيد -نضر الله وجهه- ممن سلك به هذه الطريق، عندما ابتلي به من أذيه هذا الفريق، ومن تظاهر بإنكار البدع؛ فسبيله أن يصبر على أذية المخالفين، محتسبا عند الله ﷿ (١).


(١) طبقات الحنابلة (٢/ ٢٠٧ - ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>