للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب الحديث، ومنهم من تأولها وهم الأشعرية، وتأويلهم إياها قبول منهم لها؛ إذ لو كانت عندهم باطلة؛ لاطرحوها كما أطرحوا سائر الأخبار الباطلة. وما ذكرناه من الإيمان بأخبار الصفات من غير تعطيل ولا تشبيه ولا تفسير ولا تأويل، هو قول السلف بدءا وعودا.

وقد قال الوالد السعيد في أخبار الصفات، المذهب في ذلك، قبول هذه الأحاديث، على ما جاءت به من غير عدول عنه إلى تأويل، يخالف ظاهرها، مع الاعتقاد بأن الله سبحانه بخلاف كل شيء سواه، وكل ما يقع في الخواطر، من حد أو تشبيه أو تكييف، فالله عن ذلك والله ليس كمثله شيء، ولا يوصف بصفات المخلوقين، الدالة على حدثهم، ولا يجوز عليه ما يجوز عليهم، من التغير من حال إلى حال ليس بجسم، ولا جوهر، ولا عرض وأنه لم يزل ولا يزال، وأنه الذي لا يتصور، في الأوهام، وصفاته لا تشبه صفات المخلوقين، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وأما كتابه قدس الله روحه، في إبطال التأويلات لأخبار الصفات، فمبني على هذه المقدمات، وأن إطلاق ما ورد به السمع من الصفات، لا يقتضي تشبيه الباري سبحانه بالمخلوقات. وذكر رحمة الله عليه كلاما معناه، أن التشبيه إنما يلزم الحنبلية أن لو وجد منهم أحد أمرين، إما أن يكونوا هم الذين ابتدءوا الصفة لله ﷿ واخترعوها، أو يكونوا قد صرحوا باعتقاد التشبيه في الأحاديث التي هم ناقلوها.

فإما أن يكون صاحب الشريعة وهو المبتدئ بهذه الأحاديث وقوله حجة يسقط بها ما يعارضها، وهم تبع له، ثم يكون الحنبلية قد صرحوا بأنهم يعتقدون إثبات الصفات، ونفي التشبيه فكيف يجوز أن يضاف إليهم ما يعتقدون نفيه؟.

وعلى أنه قد ثبت أن الحنبلية، إنما يعتمدون في أصول الدين، على كتاب الله ﷿ وسنة نبيه ، ونحن نجد في كتاب الله وسنة رسوله ذكر الصفات، ولا نجد فيهما ذكر التشبيه؛ فكيف يجوز أن يضاف إليهم ما يعتقدون نفيه؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>