للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بريء" (١). ولم يوجب ذلك إهدار دمه.

وقال : "من غشَّنا فليس منا" (٢). وهذا في معنى البراءة؛ فلا يوجب ذلك إهدار دمه (٣).

واحتج: بما روي عن النبي أنه بعث سرية إلى بني خثعم فاعتصم قوم منهم بالسجود فقتلتهم السرية؛ فقضى رسول الله لهم بنصف الدية (٤)؛ لأنه جوز أن يكونوا قتلوا في حيز دار الشرك؛ فلم يكن لدمهم قيمة، وجوز أن يكونوا قتلوا في حيز الإسلام؛ فكان لدمهم قيمة؛ فأوجب لذلك نصف الدية (٥).

والجواب: أنه يجوز أن يكون قد أوجب نصف الدية؛ لأنه جوز أن يكون سجودهم على وجه الإسلام، وجوز أن يكون على وجه الخضوع للمسلمين والخوف منهم؛ فتطوع بنصف الدية لهذا المعنى (٦).

واحتج: بأنه لم يحرز دمه بدار الإسلام؛ فوجب أن لا يكون له قيمة.

دليله: الحربي (٧).

والجواب: أنا قد بينا أن الاعتبار بالإسلام دون الدار في حقن الدم يجب أن يكون في الضمان كذلك، والمعنى في الحربي أن دمه غير محقون، وليس كذلك ههنا؛ لأن دمه


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب ما ينهى عنه أن يستنجى به، رقم (٣٦)، النسائي في الكبرى رقم (٩٢٨٤)، وأحمد في المسند رقم (١٦٩٩٤)، (١٦٩٩٥)، (١٦٩٩٦)، (١٧٠٠٠)، البزار (٢٣١٧). وقال البزار عقب تخريجه: "وإسناده حسن غير شيبان؛ فإنه لا نعلم روى عنه غير شييم بن بيتان، وعياش بن عباس مشهور". وقال ابن الملقن في البدر المنير (٢/ ٣٥٢): "إسناده جيد".
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي : "من غشنا فليس منا"، رقم (١٠١) من حديث أبي هريرة مرفوعًا به.
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه (٢/ ٤٢٥).
(٤) أخرجه ابن أبي عاصم في الديات (ص ٥٠)، والطحاوي في المشكل رقم (٣٢٣٣)، والطبراني في الكبير رقم (٣٨٣٦)، ثلاثتهم من طريق قيس بن أبي حازم، عن خالد بن الوليد، أن رسول الله بعث خالد بن الوليد إلى ناس من خثعم، فاعتصموا بالسجود؛ فقتلهم فوداهم رسول الله بنصف الدية. وأخرجه البيهقي في الكبرى رقم (١٦٤٧٢) من طريق قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله بنحوه.
(٥) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٠٥)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٦٧).
(٦) ينظر: معاني القرآن وإعرابه (٢/ ٤٢٥).
(٧) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٥٢)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>