للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتج: بقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾ [الأنفال: ٧٢]، فنفى موالاته من جميع الوجوه، وفي إيجاب الدية على قاتله إثبات الموالاة من وجه (١).

والجواب: أن المراد بالولاية ههنا الميراث هكذا ذكر الزجاج (٢) في معانيه وغيره من أهل التفسير، وقالوا: كانوا المسلمين يتوارثون بالهجرة، وإذا مات مسلم بمكة وله أخ مسلم بالمدينة هاجر إلينا لم يرثه، وإذا مات المهاجر لم يرث الذي لم يهاجر ثم نسخه الله بما أنزله في سورة النساء من الفرائض (٣).

واحتج: بما روي عن النبي أنه قال: "أنا بريء من كل مسلمٍ مقيمٍ بين أظهر المشركين" (٤)، وإذا استوجب البرأة منه لم يكن لدمه قيمة كالحربي (٥).

والجواب: أن هذا لا يوجب إهدار دمه، يدل عليه ما روى أبو داود في سننه عن النبي أنه قال الرويفع بن ثابت (٦): "يا رويفع لعل الحياة ستطول بك بعدي؛

فأخبر الناس أن من استنجى برجيع (٧) … دابة أو عظم فإن محمدًا منه


(١) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ٢٥٢)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٦٧).
(٢) سبقت ترجمته ص ٧٦.
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه (٢/ ٤٢٥).
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، رقم (٢٦٤٥)، والترمذي في أبواب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، رقم (١٦٠٤)، والطبراني في الكبير رقم (٢٢٦٤)، كلهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله مرفوعًا به. وقال أبو داود عقب تخريجه لهذا الحديث: "رواه هشيم، ومعمر، وخالد الواسطي، وجماعة لم يذكروا جريرا". وكذلك رجح المرسل كل من البخاري كما في العلل الكبير للترمذي (٤٨٣)، وأبي حاتم الرازي كما في العلل (٩٤٢)، والدارقطني في العلل (١٣/ ٤٦٤)، وابن عبد الهادي في المحرر (٧٧٩).
ومال ابن دقيق العيد إلى تصحيحه في الإلمام (٢/ ٤٥٤)، بقوله: "والذي أسنده ثقة عندهم".
وقال الحافظ ابن حجر في البلوغ: (١٢٧٦): "رواه الثلاثة وإسناده صحيح، ورجح البخاري إرساله".
(٥) ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٠٥)، (٧/ ٢٥٢)، تبيين الحقائق (٣/ ٢٦٧).
(٦) هو رويفع بن ثابت الأنصاري النجاري المدني، ثم المصري، الأمير، له صحبة ورواية، كانت لرويفع بالمغرب وإفريقية ولايات وفتوحات، وشهد قبلها فتح مصر، واختط بها دارا.
ينظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٣٦)، الإصابة في تمييز الصحابة (٢/ ٤١٦)
(٧) الرجيع: قد يكون الروث أو العذرة جميعا وإنما سمي رجيعا؛ لأنه رجع عن حاله الأولى بعدما كان طعاما أو علفا إلى غير ذلك، وكذلك كل شيء يكون من قول أو فعل يردد فهو رجيع؛ لأن معناه مرجوع، أي: مردود، وقد يكون الرجيع الحجر الذي قد استنجى به مرة ثم رجعه إليه فاستنجى به.
ينظر: العين (١/ ٢٢٦) تهذيب اللغة (١/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>