للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: يحمل هذا منهم على طريق الاستحباب (١).

قيل: تعليلهم يقتضي منع الجواز؛ فلا يصح حمله على الاستحباب، ولأنها دار حرب فلا يقام فيها حد الزنا.

دليله: لو أكره على فعل الزنا وليس لهم أن يقولوا: أن المكره لا حد عليه أصلًا؛ لأنا لا نسلم ذلك، وأيضًا فإنه لا يمتنع أن يجب الحد ويؤخر استيفاؤها بالغرض.

صحيح كما قلنا في الحامل إذا زنت فإنه لا يقام عليها الحد في الحال، وكذلك لا يقام الحد في شدة البرد والحر خوفًا عليه أن يهلك أو يهلك الجنين، كذلك ههنا يجب أن يؤخر إلى دار الإسلام خوفًا أن يضعف المسلمون بحده لحاجتهم إليه، وخوفًا أن تأخذ الحمية فيلحق بالعدو، وهذا تعليل الصحابة (٢)؛ ولهذا أبحنا للغانمين أكل الطعام والعلف في دار الحرب وإن كانت حقًا للغانمين (٣).

فإن قيل: يلزم على هذا من هو مقيم بالثغور فإنه يقام عليه الحد وإن خيف عليه هذا المعنى (٤).

قيل: فرق بينهما بدليل أنكم تستحبون تأخيره في دار الحرب ولا تستحبونه فيمن هو مقيم بالثغور (٥).

واحتج المخالف: بما روى الشالنجي (٦) بإسناده عن عبد الرحمن بن أزهر (٧) قال:


(١) ينظر المبسوط (١٠/ ٧٥)، بدائع الصنائع (٧/ ٤٥).
(٢) ينظر المغني (١٠/ ٥٢٨)، شرح الزركشي (٣/ ٢٠٩)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٢٢).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في السنن رقم (٢٥٠١)، وابن أبي شيبة في المصنف رقم (١٩٤٥١)، (٢٨٨٦٣) كلاهما عن عيسى بن يونس، عن الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، قال: غزونا أرض الروم ومعنا حذيفة وعلينا رجل من قريش فشرب الخمر، فأردنا أن نحده، فقال حذيفة: "أتحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعون فيكم، فقال: لأشربنها وإن كانت محرمة، ولأشربن على رغم من أرغمها".
(٤) ينظر: المبسوط (١٠/ ٧٥)، بدائع الصنائع (٧/ ٤٥)، بدائع الصنائع (٧/ ٤٥).
(٥) ينظر: المغني (١٠/ ٥٢٨)، شرح الزركشي (٣/ ٢٠٩). الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٢٢)، الحاوي (١٤/ ٢١٠).
(٦) سبقت ترجمته ص ١٤١.
(٧) سبقت ترجمته ص ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>