للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا يجوز أن يكون الإذن في القتال إذنًا في الأمان؛ لأن الأمان يقطع القتال وهو مأذون له في القتال، ولا يجوز أن يكون الإذن في الفعل إذنًا في تركه؛ ألا ترى أن الإذن في عقد البيع لا يكون إذنًا في فسخه بالإقالة (١)، وكذلك الإذن في قبض الدين ممن عليه لا يكون إذنًا في إسقاطه كإكراه (٢).

فإن قيل: هذا غير ممتنع ألا ترى أن إذن المولى لعبده في النكاح إذن له في الطلاق وإن كان قطعًا للنكاح (٣).

قيل: لم يستفد الطلاق في النكاح وإنما استفاده بملك البضع (٤).

يبين صحة هذا: أن الوكيل في النكاح لما لم يملك البضع لم يملك الطلاق وإن كان مأذونًا له في النكاح، وكذلك الأب إذا أذن لابنه في قبول النكاح، فإذا بلغ وطلق لم يكن الطلاق بإذن الأب، وإنما كان هو يملك البضع (٥).

وجواب آخر: وهو أن هذا يبطل بالأب إذا كان أذن لابنه في القتال فأمن فإن أمانه لا يصح هكذا ذكره الرازي (٦) (٧)، ولا يقال في أن أمانة في الحقيقة أمان حصل من جهة


(١) الإقالة في اللغة: الرفع والإزالة، ومن ذلك قولهم: أقال الله عثرته إذا رفعه من سقوطه.
واصطلاحا: رفع العقد، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الطرفين.
ينظر: مختار الصحاح (١/ ٢٦٤)، المصباح المنير (٢/ ٥٢١)، المغني (٤/ ٩٢)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٢/ ٥٨).
(٢) ينظر: الشرح الكبير لابن قدامة (١٠/ ٥٥٥)، المغني (١٠/ ٤٢٤)، الحاوي (١٤/ ١٩٦)، الأحكام السلطانية (١/ ٨٧).
(٣) ينظر: المبسوط (١٠/ ٤٣)، البحر الرائق (٥/ ٨٨)، الهداية شرح البداية (٢/ ١٤٠).
(٤) بضع: بضم الباء، وجمعه أبضاع كقفل وأقفال، يطلق على الفرج والجماع والتزويج، والبضاع: الجماع لفظا.
ينظر: لسان العرب (٨/ ١٢) مختار الصحاح (ص ٣٥).
(٥) ينظر: كشاف القناع، (٤/ ٧٧)، مطالب أولي النهى، (٤/ ٥)، حاشية الروض المربع (٥/ ٣٧٧).
(٦) هو عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ أبو زرعة الرازي مولى عباس بن مطرف القرشي، قال ابن أبي يعلى: "وقدم بغداد دفعات، وجالس إمامنا، واستفاد منه أشياء". وقال الذهبي: "الإمام، سيد الحفاظ، عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ، محدث الري". مولده: بعد نيف ومائتين، وقال أبو بكر الخلال: أبو زرعة وأبو حاتم خال أبي زرعة إمامان في الحديث، رويا عن أبي عبد الله مسائل كثيرة وقعت إلينا متفرقة كلها غرائب، وكانا عالمين بأحمد بن حنبل، يحفظان حديثه كله، ومات بالري في آخر يوم من ذي الحجة سنة (٢٦٤ هـ). ينظر: طبقات الحنابلة، (١/ ١٩٩)، سير أعلام النبلاء، (١٣/ ٦٥)، المقصد الأرشد، (٢/ ٦٩ - ٧١).
(٧) لم أقف على هذا القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>