للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن السنة هي الشريعة، وقد يكون في الشريعة الواجب وغير الواجب، وعلى أنه يحمل ذلك على ما قبل البلوغ فإنه غير واجب؛ لأنه لا يتوجه عليه الخطاب (١).

واحتج: بما روي عن النبي قال: "عشر من الفطرة: المضمضة، والاستنشاق والسواك، وإحفاء الشارب، وإعفاء اللحية، وقلم الأظفار، وغسل البراجم، وحلق العانة، ونتف الإبط، والختان" (٢)، وفيه دليلان:

أحدهما: أن قوله: "من الفطرة ظاهره من السنة، والثاني: أنه قرنه بما ليس بواجب؛ لأن التسعة كلها مستحبة (٣).

والجواب عن قوله: "أن الفطرة هي السنة" فقد ثبت أن السنة عبارة عما رسم، ومنه الواجب وغيره، وقد قيل: ليس كذلك؛ لأن الفطرة: الدين، ومعناه: من الدين؛ كما قال تعالى: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [الروم: ٢٣].

قيل: دينهم الذي فطرهم عليه، وأما القرائن فنقول به ما لم يقم دليل يمنع؛ لأن الله تعالى قد جمع بين شيئين في الذكر وحكمهما مختلف؛ كما قال تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]، والأكل ليس بواجب، والإيتاء واجب، وقال تعالى: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] الآية. والكتابة غير واجبة، والإيتاء واجب (٤).

وقال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: ٣٦]، وعبادة الله ونفي الشرك واجب والإحسان إلى الوالدين مستحب ومثل ذلك كثير فسقط


(١) ينظر: المغني (١/ ٦٤)، الشرح الكبير (١/ ١٠٩)، الحاوي (١٣/ ٤٣٢)، المجموع (١/ ٣٠٠).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الطهارة، باب: السواك رقم (٢٦١) عن طريق عائشة .
(٣) ينظر: البحر الرائق (٨/ ٥٥٤)، تبيين الحقائق (٦/ ٢٢٦)، حاشية العدوي (٢/ ٤٤٢)، المعونة (١/ ٦٧٢)، الذخيرة (٤/ ١٦٦).
(٤) يعني الأيتاء المذكور في الآية السابقة، وهو قوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١].

<<  <  ج: ص:  >  >>