للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: كيف يكون إجماعا وأبو بكر جلد أربعين؟ (١).

قيل: يحمل فعله على جلد أربعين بجريدتين أو بنعلين، وأيضا فإن الأربعين عدد جلد يقدر في حد العبيد، فوجب أن لا يكون حدا للخمر كالخمسين.

أو نقول: الأربعين جعلت جلدا في العبد؛ لنقصانه، فلا يكون بنفسها حدا في الخمر؛ كالخمسين، ولا يلزم عليه القطع؛ لأنه ليس بجلد، ولأنه لم يجعل حدا للعبد لنقصانه؛ إذ الجزء يساويه فيه (٢).

فإن قيل: حد الحر لا يجوز أن يكون حدا لحر في السبب الواحد، فأما في سببين مختلفين فلا يمنع (٣).

قيل: وقد يمتنع بدليل الخمسين لما كانت حدا للعبد في الزنا لم يكن حدا للحر لا في الزنا ولا في غيره، ولأنه حد يقام على حر، فوجب أن لا يكون مقدرا بالأربعين؛ كحد القذف وغيره (٤).

فإن قيل: لا يجوز اعتبار بعض الحدود ببعض في المقدار؛ لاختلافها في المقدار (٥).

قيل: إنما لا يجوز اعتبار المنصوص منها بعضه ببعض؛ لأنه يؤدي إلى إسقاط النص في أحدهما، ومقدار حد الخمر مجتهد فيه فلا يمتنع اعتباره بالمنصوص عليه، ولأنه يؤدي إلى إسقاط النص، ولأن الشرب سبب واحد فلا يتعلق به حد وتعزير (٦)؛ كالزنا، وعندهم يجلد الإمام ثمانين نصفها تعزيرًا (٧).


(١) ينظر: المجموع (٢٠/ ١١٣)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٣٢)، المغني (٩/ ١٦١).
(٢) ينظر: الذخيرة (١٢/ ٢٠٤)، المجموع (١٧/ ٥٦)، الكافي (٣/ ١١٠)، المغني (٩/ ١٦١).
(٣) ينظر: المجموع (٢٠/ ١١٣)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٣٢)، المغني (٩/ ١٦١).
(٤) ينظر: المبدع (٧/ ٤١٩)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٦٢)، مطالب أولي النهى (٦/ ٢١٣).
(٥) ينظر: حاشية الجمل على شرح المنهج (٥/ ١٦١)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٣٢)، المغني (٩/ ١٦١).
(٦) التعزير لغة: المنع يقال عزرته أي منعته، ومنه سمي التأديب ولأنه يمنع من تعاطي القبيح ومنه التعزير بمعنى النصرة؛ لأنه منع لعدوه من أذاه.
اصطلاحا: التأديب بدون الحد لمنعه الجاني من المعاودة وردعه عن المعصية؛ لأنه يمنع مما لا يجوز فعله.
ينظر: لسان العرب (٤/ ٥٦١)، مختار الصحاح (ص ٤٦٧)، حاشية الروض المربع (٧/ ٣٤٥)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٦٤).
(٧) ينظر: الذخيرة (١٢/ ٢٠٤)، الكافي في فقه أحمد (٣/ ١١٠)، المغني (٩/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>