كتاب التعليقة الكبيرة - أبو يعلى - من الأشربة للأيمان

الكحال (١) هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها شقي أو سعيد (٢)، وهذا تأويل ابن المبارك (٣) (٤).

ويدل عليه أن المولود من بين كافرين لا يحكم بإسلامه؛ فكيف يكون مولودا على دين الإسلام (٥).

ويدل عليه قول النبي ﷺ: "الشقي من شقي في بطن أمه" (٦). ولو ولد مسلما لم يكن شقيا في بطن أمه، وكذلك قوله: "إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما علقة (٧)، ثم مضغة (٨)، ثم يرسل الله الملك فيكتب عمله وأجله وشقي أو سعيد" (٩)، وكذلك قوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين" (١٠). وهذا كله يدل على أنه يولد على ما يصير إليه من كفر أو إسلام (١١).

(١) سبقت ترجمته (١/ ١٩٦).
(٢) ينظر: الفروع (١٠/ ٢٢٠)، الإنصاف (١٠/ ٣٤٦)، كشاف القناع (٣/ ٥٦).
(٣) سبقت ترجمته (١/ ٩٩).
(٤) لم أقف على رواية علي بن سعيد، ومحمد بن يحيي الكحال، وينظر: الفروع (١٠/ ٢٢٠)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (١٠/ ٣٤٦)، كشاف القناع (٣/ ٥٦).
(٥) ينظر: الحاوي الكبير (٩/ ٣٠٤)، شرح الزركشي (٣/ ٩٥)، الإقناع (٢/ ٥٦٢).
(٦) أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته رقم (٢٦٤٥)، والسنة، لابن أبي عاصم، (١/ ٧٨)، والقدر للفريابي، (ص ١١٢)، وصحيح ابن حبان (١٤/ ٥٢). وقال الألباني: صحيح. ينظر: التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه (٩/ ٢٩).
(٧) العلقة: العلق الدم الغليظ والقطعة منه علقة.
ينظر: مختار الصحاح (١/ ٤٦٧) كتاب (العين) مادة (علق)، فتح الباري (١١/ ٤٨١).
(٨) المضغة: قطعة لحمة صغيرة قدر ما يمضغ.
ينظر: العين (٤/ ٣٧٠)، جمهرة اللغة (٢/ ٩٠٦).
(٩) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن مسعود ﵁ في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة رقم (٣٣٠٨)، ومسلم
في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته رقم (٢٦٤٣).
(١٠) أخرجه البخاري من حديث أبو هريرة ﵁ في كتاب القدر، باب الله أعلم بما كانوا عاملين رقم (٦٥٩٨)، ومسلم في كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين رقم (٢٦٥٩).
(١١) ينظر: الحاوي الكبير (٩/ ٣٠٤)، شرح الزركشي (٣/ ٩٥)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (٦/ ٣٠٦).