للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ثلاثًا، قال فوفد عمار بن ياسر (١) إلى عمر ومعه جرير بن عبد الله (٢) فقال عمر لجرير: يا جرير لولا أني قاسمٌ مسؤول لكنتم على ما جعل لكم، وأرى الناس قد كثروا، فأرى أن ترده عليهم ففعل جرير ذلك فأجازه عمر بثمانين دينارًا (٣) وبإسناده عن قيس قال: قالت امرأة من بجيلة يقال لها أم كرز لعمر: يا أمير المؤمنين إن أبي هلك وسهمه ثابت على السواد وإني لم أسلم، فقال لها: يا أم كرز إن قومك قد صنعوا ما علمت، قالت: إن كانوا صنعوا ما صنعوا فإني لست أسلم حتى تحملني على ناقة ذلول عليها قطيفة حمراء تملأ كفي ذهبًا، قال: ففعل عمر ذلك فكانت الدنانير نحوًا من ثمانين دينارًا (٤).

قيل: ما ذكرته من القسمة ودفع العوض إنما نقل في حق بجيلة وهي بعض الغانمين ولم ينقل أنه قسم لغيرهم، فالاحتجاج به باقي، وعلى أنه قد أجاب أبو عبيد عن هذا بأن عمر كان نفل جريرًا وقومه ذلك نفلًا قبل القتال وقبل خروجه إلى العراق فأمضى نفله واستطاب أنفسهم؛ لأنهم كانوا قد ملكوه بالنفل، ويجوز أن يتعين حقهم بالنفل؛ لأنه قد وجد من جهة الإمام فعل وهو شرط النفل كما يتعين حقهم بالقسمة، فدفع إليهم العوض؛ لأجل ذلك.

يدل على صحة هذا التأويل ما حدثني عفان (٥) قال: حدثنا مسلمة بن علقمة (٦) قال:


(١) عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين. اختلف في هجرته إلى الحبشة، وهاجر إلى المدينة، ثم شهد بدرا والمشاهد كلها، ثم شهد اليمامة فقطعت أذنه بها، ثم استعمله عمر على الكوفة، وكتب إليهم: أنه من النجباء من أصحاب محمد . قتل مع علي بصفين سنة (٣٧ هـ).
ينظر: الإصابة (٤/ ٤٧٣)، أسد الغابة (٤/ ١٢٢)، الاستيعاب (٣/ ١١٣٥)، تهذيب التهذيب (٧/ ٤١٠).
(٢) سبقت ترجمته ص ١٢٧.
(٣) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فتوح الأرضين صلحا وسننها وأحكامها، باب فتح الأرض تؤخذ عنوة، وهي من الفيء والغنيمة جميعا، رقم (١٥٤).
(٤) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب فتوح الأرضين صلحا وسننها وأحكامها، باب فتح الأرض تؤخذ عنوة، وهي من الفيء والغنيمة جميعا، رقم (١٥٥).
(٥) سبقت ترجمته ص ٩٠.
(٦) هو مسلمة بن علقمة المازني أبو محمد البصري وهو صدوق له أوهام. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: شيخ ضعيف الحديث. حدث عن داود بن أبي هند أحاديث مناكير وأسند عنه. روى له أبو داود في فضائل الأنصار، والباقون سوى البخاري.
ينظر: تهذيب الكمال (٢٧/ ٥٦٥ - ٥٦٧)، تقريب التهذيب (ص ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>