للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتكلمين وأهواء المتكلفين. أن الذي درج عليه صالحو السلف وانتهجه بعدهم خيار الخلف: هو التمسك بكتاب الله ﷿، واتباع نبيه محمد ، ثم ما روي عن الصحابة رضوان الله عليهم، ثم عن التابعين والخالفين لهم من علماء المسلمين. والإيمان والتصديق بما وصف الله تعالى به نفسه أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث، والتنفير، والتسليم لذلك من غير تعطيل، ولا تشبيه، ولا تفسير، ولا تأويل، وهي الفرقة الناجية، والجماعة العادلة، والطائفة المنصورة، إلى يوم القيامة، فهم أصحاب الحديث والأثر، والوالد السعيد تابعهم هم خلفاء الرسول، وورثة علمه، وسفرته بينه وبين أمته بهم يلحق التالي، وإليهم يرجع العالي، وهم الذين نبذهم أهل البدع والضلال، وقائلو الزور والمحال: أنهم مشبهة جهال، ونسبوهم إلى الحشو، والطغام، وأساءوا فيهم الكلام. فاعتقد الوالد السعيد وسلفه قدس الله أرواحهم، وجعل ذكرنا لهم بركة، تعود علينا في جميع ما وصف الله تعالى به نفسه، أو وصفه به رسول : أن جميع ذلك صفات الله ﷿، تمر كما جاءت من غير زيادة ولا نقصان، وأقروا بالعجز عن إدراك معرفة حقيقة هذا الشأن.

اعتقد الوالد السعيد، ومن قبله ممن سبقه من الأئمة: أن إثبات صفات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد لها، حقيقة في علمه، لم يطلع الباري سبحانه على كنه معرفتها أحدا من إنس ولا جان. واعتقدوا أن الكلام في الصفات، فرع الكلام في الذات، ويحتذي حذوه، ومثاله وكما جاء. وقد أجمع أهل القبلة: أن إثبات الباري سبحانه: إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد، وكيفية هكذا، اعتقد الوالد السعيد، ومن قبله ممن سلفه من الأئمة: أن إثبات الصفات للباري سبحانه إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد، وكيفية، وأنها صفات لا تشبه صفات البرية، ولا تدرك حقيقة علمها بالفكر والروية، والأصل الذي اعتمدوه في هذا الباب، اتباع قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>