للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[أحكام في ما يطلبه الوالد من مال ولده]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا سيدة مطلقة أعيش مع أسرتي أعمل وأتقاضى مرتبا لا بأس به وكنت أمنح ثلثيه لأبي لأجل إنفاقه على باقي أسرتي وأحتفظ بالثلث لإنفاقه على احتياجاتي الخاصة واحتياجات ابني مع العلم أن حالتنا ميسورة ولله الحمد والآن زادت حاجتي وابني لمزيد من المال فأبلغت أبي أني سأمنحه مبلغا أقل من السابق فغضب علي وأخذ يسيئ معاملة ابني وينعتني بألفاظ يترفع اللسان عن ذكرها وهددني بتسليم ابني إلى والده وحرمانه مني وحرماني من العودة للعمل بسبب هذا الأمر مما حز في نفسي وأنا التي منذ بدأت العمل لم ابخل عليهم بأي مبلغ بل كنت أحل أزماتهم المالية وأنفق على إخوتي من المبلغ الذي كنت أستقطعه أستغفر الله لا أقول هذا منة عليهم ولكن ما كان من والدي أثار في النفس ما أثار.

سؤالي هل إذا كان لدي دخل يجب علي الإنفاق منه على أسرتي باعتباري أعيش وابني في منزل والدي؟ وكيف لي أن أواجه هذا الموقف مع والدي من دون أن أرتكب في حقه إثما أو ذنبا وأن أكسب رضاه؟

أسأل الله لي ولكم الهداية]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب أن بر الوالد من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه جل وعلا، وذلك لأن رضاه في رضا الوالد وسخطه في سخطه، ففي الترمذي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.

وعلى هذا، فعليك أن تبالغي في بر أبيك والإحسان إليه وكسب خاطره ما استطعت إلى ذلك سبيلا لتحوزي رضا ربك جل شأنه

هذا من حيث العموم.

أما بخصوص ما يطلب منك هذا الوالد من مال فإن كان في حاجة إليه للنفقة أو نحوها من الأمور الضرورية والمال زائد عن حاجتك فهذا يجب عليك إعطاؤه ما يكفيه لسد تلك الحاجة، لأن نفقته تجب عليك في هذه الحالة بالتقاسم مع إخوانك إذا كان عندهم مال.

أما إن كان ما يطلبه ليس زائدا على حاجتك أو كان غنيا عنه أو أراد أن يعطيه لأحد إخوانك أو غيرهم من الناس فلا يجب عليك في هذه الحالات أن تعطيه، وراجعي الفتوى رقم: ٤٦٦٩٢ والفتوى رقم: ٣٣٠٩٠.

هذا، وندعو والدك إلى أن يتقي الله تعالى فيك ويحسن معاملتك كما تقتضيه المروءة ويوجبه الدين، وليعلم أنه لا يجوز له التفريق بينك وبين ابنك مادامت الحضانة قائمة، كما لا يجوز له منعك من الخروج للعمل وأنت في حاجة للإنفاق منه على نفسك وولدك سيما إذا كان ذلك المنع لغرض.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٣٠ جمادي الأولى ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>