للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[مشكلة زوجية]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا امرأة متزوجة منذ إحدى عشر سنة وبعد استحالة الحياة بيني وبين زوجي وشعوري أني لا أطيق أن أعيش معه بسبب معاملته السيئة لي وضربه لي وإهانتي في كل وقت وحين بسبب أو بدون سبب، وإحساسي أني كالخادمة عنده ليس لي أي حق ولا واجبات، وإحساسي أني إنسانة ميتة لا قيمة لي، فما عدت أطيق الحياة معه وخفت على نفسي من الفتنة خاصة أني كنت أكره أن يلمسني أو يقترب مني وكنت لا آخذ حقي الشرعي منه ولا أشعر به زوجا لي بل إني كنت أعطيه حقه الشرعي لأنه مفروض علي وكي لا يعاقبني الله دون أن أشعر بأني أقضي رغبتي وحاجتي منه فخفت على نفسي بالوقوع في الحرام مع أني صبرت عليه سنوات عدة لكني لم أعد أطيق وفكرت مرات عديدة أن أفعل بنفسي شيئا كي أخلص منه وأرتاح إلى الأبد لكني كنت أخاف الله وكلما فكرت نفسي بهذه الأشياء أقول خسرت الدنيا ولا أريد أن أخسر الآخرة وأستغفر الله على هذا التفكير ...

مشكلتي هي أني تركت بيت زوجي وطلبت الطلاق منه لكنه رفض فذهبت إلى المراكز الإسلامية الموجودة في البلد الذي أعيش فيه كي يساعدوني على الطلاق لكنهم لم يستطيعوا مساعدتي وقالوا لي إنهم لا يملكون الحق من الدولة على تطليقي ولا يستطيعون أن يعطوني شهادة خلع أو تفريق فلجأت إلى القانون الدانماركي ورفعت قضية طلاق وذهب زوجي إلى المحكمة ووافق على الطلاق المدني وقال لي إنه لا يعتبره طلاقا لأنه لم يتم بمحكمة شرعية وهو لا يعترف بهذه المحاكم ولا بقانونها وأنه وافق على الطلاق فقط من أجل أن تنتهي القضية ولكنه لم ينو الطلاق بقلبه كما قال لي لأنه يريد أن أتنازل عن أولادي وإقامتي هنا كي يعطيني حريتي وهو مقتنع أن الحياة بيننا متسحيلة ولا مجال للعودة لكنه مصمم على رأيه وكلما ذهب أحد ليطلب منه أن يفارقني بإحسان يقول للناس إنه طلقني كي لا يكلمه أحد بالموضوع مع أن هذا الكلام غير صحيح سؤالي هو هل يمكنني أن أعتبر طلاقي المدني طلاقا واقعا صحيحا خاصة أن المراكز الإسلامية لا تستطيع مساعدتي في الموضوع؟ وكنت قد اتصلت بالمحكمة الشرعية في وطني الأصلي لكي أرفع قضية تفريق أو خلع وقالوا إنه عليّ الحضور بنفسي لرفع القضية ولا يصح أن أوكل أحدا عني لأنه علي الشهادة أمام القاضي وحلف اليمين أن زوجي لم يكن يعاملني بطريقة حسنة وأنه علي إثبات ذلك وإثبات أني لا أعيش معه وأنا لا أستطيع السفر إلى بلدي لأسباب عديدة ولا أستطيع إثبات أني لا أعيش معه فجيراني يعلمون أني لا أسكن معه ولا أعرف عنه شيئا وحتى أولادي لا يراهم لكن لا يستطيع أحد أن يذهب للمحكمة لقول ذلك فقال لي القاضي أن طلب الخلع صعب نوعا ما ويحتاج إلى وقت طويل وأنهم سيرسلوا لزوجي كي يحضر ويسألوه عن أقوالي وأنا أعلم أنه لن يحضر لأني أنا نفسي لا أعرف أين هو وسمعت أنه يجهز نفسه للرحيل من البلد الذي أعيش فيه ما معناه أني سأظل لا معلقة ولا مطلقة طوال حياتي وأنا أخاف على نفسي من الوقوع بالحرام في هذه البلاد المتاح فيها كل شيء وأريد أن أحصن نفسي خاصة أني لا زلت في الثلاثين من عمري يعني شابة وأيضا لدي أولاد أخاف عليهم من هذا البلد وأحتاج أن أتزوج كي أجد أحداً جنبي يساعدني على تربية الأولاد خاصة بعد أن تخلى والدهم عن مسؤولية تربيتهم وتركها لي وأنا وحيدة في هذه البلاد ليس لي عائلة ولا أهل ولا أصدقاء....

ولدي سؤال آخر وهو أني عندما تزوجت وأتيت إلى هذه البلاد كنت أحصل على مرتب شهري من الدولة أنا وزوجي وكل منا يستلمه على رقم حسابه الخاص بالبنك وكنا نشتري منه عفش البيت ومستلزماتنا المشكلة أن زوجي يعتبر أن هذا العفش من حقه وحده لأنه كما يقول هو من أتى بي إلى هذه البلاد ولو لم يأت بي إلى هنا لما كنت حصلت على هذا الراتب وعندما تركت بيتي وذهبت إلى بيت مؤقت لحين انتهاء القضية المعلقة بيني وبين زوجي قام زوجي وأهله بأخذ عفش بيتي كاملا مع حاجاتي الخاصة وهدايا كنت قد أخذتها من أهلي وأصدقائي وحتى أنه أخذ حاجات أولادي وألعابهم ولم يترك لنا شيئا في المنزل وعند حصولي على شقتي بحكم المحكمة رجعت إليها فوجدتها فارغة من كل شيء حتى ثيابي أخدها ولا يريد أن يرد لي شيئاً منها ويقول إن هذا حقه لأن الرجل من حقه العفش وأنه هو السبب في حصولي على هذه الأشياء مع العلم أن زوجي لا يعمل وأنه يأخذ مرتبا من الدولة مثلي لكنه مقتنع تماما أن ما أخذه هو من حقه ويحل له وكنت قد اشتكيت للشيخ هذا الفعل وقال لي الشيخ هنا أن العفش من حق الزوج ولا يحق للزوجة أخذ شيء منه إلا حاجاتها الخاصة وأنا لم أستطع أن أفهم ذلك القول مع العلم أنه اشتراه من مرتبي ومرتبه وبحكم القانون الدانماركي يحصل كل من الزوجين على نصف العفش أي يتم تقسيمه بينهم بالنصف بحيث لا يظلم أحد لكني لم أستطيع أخذ أي شيء منه وحتى الدولة لم تستطع أن تعيد لي عفشي لأن زوجي لا يريد أن يعترف أين قام بتخبئة العفش وهو ينكر أنه كان لدينا عفش من الأساس وهذه القضية ستأخذ وقتا في المحاكم لإثباتها وأنا لا أريد رفع دعوى لأنها مكلفة لكني أريد أن أعرف هل حقا أن ما أخذه زوجي حلال عليه وأنه لا حق لي بالعفش؟ وأنا فوضت أمري إلى الله وقلت حسبي الله ونعم الوكيل ... المشكلة أن لدي ثلاثة أطفال ومرتبي قليل لا يكفي لشراء أثاث للبيت وما آخذه يكفي لشراء الضروريات من أكل ولبس فقط وأنا لا أستطيع أن أعمل في الوقت الحالي لأني مريضة وأولادي بحاجة أن أكون بجانبهم في هذا السن وزوجي لم يفكر إلا بنفسه والانتقام مني ولم يهتم لحالنا وقال لي إنه يريد أن يتزوج وليس لديه مال لشراء أثاث جديد وعلي تدبير نفسي بنفسي ما دمت أنا من قام بطلب الطلاق فعلي تحمل نتيجة قراري ... أريد من فضيلتكم جوابا شافيا لأسئلتي وأدعو الله لي أن يريحني من الذي أنا فيه وأن يعينني على تربية أولادي على الخير والصلاح.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يعينك على ما أنت فيه، وأن يكتب لك الخير والتوفيق، وأما بشأن ما ورد في سؤالك فجوابه ما يلي:

أولاً: إياك واليأس، فإن اليأس والقنوط يجران إلى مفاسد عظيمة.

ثانياً: نوصيك بالهجرة إلى بلدك، ولن يضيعك الله تعالى، فإن في مقامك في البلد الذي أنت فيه مفاسد عليك وعلى أبنائك.

ثالثاً: إن كان في رجوعك إلى هذا الرجل بصيص أمل بحسن حاله وتبدل أخلاقه فافعلي وكوني عوناً له على الاستقامة وبيني له حرمة ما يقوم به من سوء العشرة، ويمكن الاستعانة بالفتاوى التالية: ٢٥٣٨٧، ٢٥٨٩، ٤٢٩١.

الرابع: يجب على هذا الزوج أن ينفق على أولاده ويرعاهم وإلا فهو مفرط آثم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ولذا فعليه أن ينفق على أولاده.

خامساً: نحن نذكِّر الزوج بالله تعالى إن كان ممن يخشى الله ويتقيه بأن من الواجب عليه أن يمسك بالمعروف أو يسرح بإحسان؛ لقوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: ٢٢٩} .

سادساً: ما صرفته الدولة من مال للمرأة فهو حقها، ولا يجوز للزوج أن يتصرف فيه بدون إذنها، وأما الاحتجاج بأنه كان سبب حضورها إلى تلك البلاد فحجة غير صحيحة، وليست مقبولة شرعاً، فليتق الله تعالى وعليه أن يرد حق زوجته.

سابعاً: إذا كان قد تلفظ بالطلاق، فقد وقع الطلاق نوى الطلاق أم لا.

ثامناً: إذا كان لم يتلفظ بالطلاق، وإنما كتبه كتابة، فإنه يقع إن نوى الطلاق ولا يقع إن لم ينوه.

تاسعاً: في حال أن الطلاق لم يقع، وكنت في بلد لا قاضي فيه، فيمكنك الرجوع إلى جماعة المسلمين في البلد الذي أنت فيه، فإنها تقوم مقام القاضي كما نص على ذلك المالكية، ففي حاشية العدوي المالكي على شرح كفاية الطالب الرباني قوله: وجماعة المسلمين العدول يقومون مقام الحاكم في ذلك، وفي كل أمر يتعذر الوصول إلى الحاكم أو لكونه غير عدل، وأما من لم يثبت عسره وهو مقر بالملاء وامتنع من الإنفاق والطلاق، فإنه يعجل عليك الطلاق على قول، ويسجن حتى ينفق عليها على آخر، فإن سجن ولم يفعل، فإنه يعجل عليه الطلاق. اهـ

وسبق في الفتوى رقم: ٥٦٦٧٣. بل نص الفقهاء أيضا على أن العالم في البلد الذي لا يوجد به قاض ينزل منزلة القاضي قال الناظم:

وعالم في البلد كالقاضي * في بلد ليس به من قاضي

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٤ ذو الحجة ١٤٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>