للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأصابع؛ لا يمكن إجراؤها بطريق الكرامة للولي، وطي المسافة من قبيل المعجزات لقوله : "زويت لي الأرض" (١)، فلو أجاز لغيره لم تبق فائدة التخصيص، أو لأنَّه كالإسراء بالجسم، وذلك خاصة النبي ، لكن في كلام القاضي أبي زيد ما يدل على أنه ليس بكفر، إلى هنا من "الفتاوى البَزَّازية".

وقال صاحب "جامع الفصولين" الشَّيخ بدر الدِّين بن قاضي سِمَاوْنَه (٢) في كتابه هذا: أقول: ينبغي أن لا يستجهل ولا يكفَّر؛ لأنّه من الكرامات لا من المعجزات، إذ المعجزة لابد فيها من التحدي، ولا تحدي هنا فلا معجزة، وعند أهل السنة تجوز الكرامة.

وأقول: قول علمائنا فيما إذا تزوج امرأة وبينهما مسافة بعيدة لا يصل إليها في مدة ستة أشهر، فأتت بولد لستة أشهر، وفيمن كان بالمشرق وتزوج امرأة بالمغرب، فأتت بولد، فإنَّ الولد يلحقه ويثبت نسبه منه يؤيد جواز هذه الكرامة.

وقد نقل الإمام عالم بن العلاء صاحب "الفتاوى التَّتارخانية" في "فتاواه"، عن "التحبير" عن القاضي الإمام صدر الإسلام أبي اليسر البَزْدَوي في" أصول التوحيد": أنّ المشي من بخارى إلى مكة في ليلة واحدة من جملة الكرامات، انتهى.

وأهل ما وراء النهر قالوا: يجوز أن يكون مثل هذا من الكرامات ومن قوانين المعجزة حجة الأنبياء على صحة دعواهم، فيكون إظهارها حين احتاجوا إليها، والكرامات تحصل من غير اختيارهم بدون سبق دعوي (٣) منهم، حتى إنهم ما جوَّزوا إظهار ذلك في يد من يدعي النبوة؛ لأنَّه يؤدي إلى التلبيس، فالكرامة أمر خارق للعادة


(١) رواه مسلم (٢٨٨٩) من حديث ثوبان ، ولفظه: "إن الله زوى لي الأرض".
(٢) ض، أ: سماوينة. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٣) ض: دعوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>