للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يظهر على يد المؤمن التقي العارف بالله تعالى وصفاته المتوجه بكليته إلى جناب قدسه غير مقرون بدعوى النبوة، وبذلك تمتاز (١) عن المعجزة، وبالصفات المذكورة للمؤمن عن الاستدراج كما يصحُّ لبعض الفسَّاق والظلمة بل للكفرة أحيانًا؛ استدراجًا لهم وزيادة في غيِّهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم غافلون، كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة الأنعام: ٤٤ - ٤٥].

وعن رسول الله : أنَّه قال: "إذا رأيت يعطى العبد ما يحب وهو مقيم على معصية فإنّما ذلك استدراج" (٢)، ثم تلا هذه الآية: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ (٣)؛ من البأساء والضراء ولم يتعظوا به ﴿فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ من أنواع النِّعم مرادة عليهم بين نوبتي الضراء والسراء، وامتحناهم بالشدة والرخاء وإلزامًا للحجة وإرادة للعلة أو مكر بهم، ﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا﴾ أعجبوا ﴿بِمَا أُوتُوا﴾ من النعم ولم يزيدوا على الفرح والبطر من غير انتداب لشكر ولا تصدي لتوبة واعتذار ﴿أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ آيسون ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٤٤ - ٤٥] إيذان لوجوب الحمد لله (٤) عند هلاك الظلمة؛ فإنّ هلاكهم من حيث إنه تخليص لأهل الأرض من شوم عقائدهم وأعمالهم نعمةٌ جليلة يحق أن يحمد عليها.

* * *


(١) ض: يمتاز.
(٢) أ: للاستدراج.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ١٤٥)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ٣٣٠) من حديث عقبة بن عامر . قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (٢/ ١٠٣٧): أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب بسند حسن.
(٤) ساقطة من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>