وعندما خرج من بغداد خرج النّاس خلفه يسبُّونه، فإن غلمانه كانوا يستسقون المناهل ويمنعون الحجَّاج من الماء، فحصل لهم العطش العظيم، وعن سبط ابن الجوزي: حججت في هذه السنة فرأيت من الموتى ما يزيد على خمسة آلاف نفر ومشينا ثلاثة أيام في الأموات.
وعن جلال الدِّين الرومي: مولانا خداوندكارانه، كان قصده الشَّيخ قطب الدِّين الشِّيْرَازِي شارح "المفتاح"، فلما دخل عليه وجلس عنده سكت زمانًا والشَّيخ لا يكلمه، ثم بعد ذلك ذكر له حكاية، قال مولانا جلال الدين: كان الصَّدر عالمًا ببخارى يخرج من مدرسته ويتوجه إلى بستان له، فيمر بفقير على الطريق في مسجد، فسأله فلم يتفق له أن يعطيه شيئًا، وأقام على ذلك مدة سنين كثيرة، فقال الفقير لأصحابه: ألقوا عليَّ ثوبًا وأظهروا أني ميت، فإذا مر الصَّدر جهان فاسألوه شيئًا، فلما مر الصَّدر جهان قالوا: يا سيدي هذا ميت، فدفع له شيئًا من الدراهم، ثم نهض الفقير، وألقى الثوب عنه، فقال الصَّدر جهان: لو لم تمت ما أعطيتك شيئًا.
* * *
[٤٨٣ - شمس الدِّين عبد الله الأذرعي (١)]
قاضي القضاة، شمس الدِّين عبد الله بن محمَّد بن عطاء الأذرعي.
كان إمامًا فاضلًا عالمًا بارعًا كاملًا، غزير العلم، كبير المحل، قد بلغ رتبة الكمال في العلم والعمل، وله مشاركة تامة في أكثر الفنون.