للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قول الكَرْخي يبطل الاستدلال بعامة العمومات لما دخلها من الخصوص.

وذكر فخر الإسلام فيه أيضًا، في باب أفعال النبي : وهي أربعة أقسام: مباح ومستحب وواجب وفرض، وفيها قسم آخر وهو الزَّلَّة، لكنه ليس من هذا الباب في شيء مما يقتدى به؛ لأنّه لا يصلح للاقتداء، ولا يخلو عن بيان مقرون به من جهة الفاعل أو من الله تعالى، كما قال: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه: ١٢١]، وقال حكاية عن موسى في قتل القبطي: ﴿قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [القصص: ١٥].

والزَّلَّة: اسم لعمل غير مقصود عينه، لكنه اتصل الفاعل به عن فعل مباح هو أفضل قصده، فزلَّ بشغله (١) عنه إلى ما هو حرام لم يقصده أصلًا، بخلاف المعصية؛ فإنها اسم لفعل الحرام مقصود بعينه.

واختلفوا في سائر أفعال النبي ما ليس بسهو ولا طبع؛ لأن البشر لا يخلو عما جُبل عليه، فقال بعضهم: يجب التوقف فيها، وقال بعضهم: بل يلزمنا اتباعه (٢) فيه، وقال الكَرْخي : نعتقد فيها الإباحة، فلا يثبت الفضل، ولا يثبت المتابعة منا إياه فيها إلا بدليل، وقال الجصاص مثل قول الكَرْخي، إلا أنه قال: علينا اتباعه، لا نترك ذلك إلا بدليل، وهو أصح عندنا.

وفيه أيضًا، في متابعة أصحاب النبي ورضي عنهم: قال أبو سعيد البَرْدَعي : تقليد الصحابي واجب، يترك به القياس، قال: وعلى هذا أدركنا مشايخنا ، وقال الكَرْخي : لا يجب تقليده إلا فيما لا يدرك بالقياس، وقال الشَّافعي: لا يقلد أحد منهم، ومنهم من فصَّل التقليد؛ فقلَّد الخلفاء الراشدين وأمثالهم.


(١) ع: بقصده.
(٢) أ: اتباعنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>