للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم قال: فأما فيما لا يدرك بالقياس فلابد من العمل؛ حملًا لذلك على التوقيف من رسول الله ، لا وجه له غير هذا إلا التكذيب، وذلك باطل، فوجب العمل به لا محالة، فأما فيما يفعل بالقياس فوجه قول الكَرْخي: أنَّ القول بالرأي من أصحاب النبي مشهور، واحتمال الخطأ في اجتهادهم كائن لا محالة، فقد كان يخالف بعضهم بعضًا، وكانوا لا يدعون النَّاس إلى أقوالهم.

وكان ابن مسعود يقول: إنّ اخطأت فمن الشيطان، وإذا كان كذلك لم يجز تقليد مثله، بل وجب الاقتداء بهم في العمل بالرأي مثل ما عملوا، وذلك معنى قول النبي : " أصحابي كالنجوم" (١)، ومن ادعى الخصوص في حق الخلفاء الراشدين احتج بقوله : "اقتدوا باللَّذَين من بعدي أبي بكر وعمر" (٢).

ووجه قول أبي سعيد أنَّ العمل برأيهم أولى لوجهين: احتمال السَّماع والتوفيق؛ لأنَّهم موفقون ما (٣) لا يوفق غيرهم، كما هو مشهور من أحوالهم، وذلك أصل فيهم مقدَّم على الرأي.

ومشاهير كتب أصحاب الحنفيَّة مشحونة بأقوال الكَرْخي وأخذه رواياته.

إمام مجتهد، وشيخ مرجع معتمد، رحمه الله تعالى.

* * *


(١) قال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشَّاف" (٢/ ٢٢٩): روي من حديث ابن عباس ومن حديث جابر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عمر. ثم نقل عن البيهقي قوله: هذا حديث مشهور، وأسانيده كلها ضعيفة، لم يثبت منها شيء.
(٢) رواه الترمذي، (٣٦٦٢) وحسنه من حديث حذيفة ، و (٣٨٠٥) من حديث ابن مسعود ، وقال: غريب.
(٣) ع: لما.

<<  <  ج: ص:  >  >>