للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمَسْلَك اللائح، قال الله تعالى لرسوله المصطفى ونبيِّه المجتبى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [سورة الروم: ٣٠ - ٣٢].

الفطرةُ الخِلْقة؛ أي: عليكم فطرة الله، أو الزموا فطرة الله، فالخطابُ للكلِّ كما يُفْصِحُ عنه قولُه تعالى: ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾، والإفراد في ﴿فَأَقِمْ﴾ لما أنَّ الرَّسولَ إمامُ الأمَّة، فأمرُه مستتبع لأمرِهم، وقوله تعالى: ﴿الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ صفةٌ لفطرة الله، مؤكدةٌ لوجوب الامتثال بالأمر، فإِنَّ خَلْقَ اللهِ تعالى النَّاس على فطرته، الَّتي هي عبارة عن قبولهم للحقِّ، وتمكُّنِهم من إدراكِه (١)، أو على ملَّة الإسلام = من موجِبات لزُومها والتَّمسُّك بها قطعًا، فإنَّهم لو خُلُّوا وما خُلِقوا عليه أدَّى بهم إليها، وما اختاروا عليها (٢) دينًا آخر، ومَنْ غَوى منهم فبإغواءِ شياطينِ الإنسِ والجنِّ.

ومنه قوله حكاية عن ربِّ العزَّة: "كلُّ عبادي خلقْتُ حنفاءَ، فاجتالَتْهم الشَّياطين، وأمروهم أنْ يُشركوا بي غيري" (٣)، وقوله : "كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى


(١) أ: إدراكهم.
(٢) أ: عليه.
(٣) رواه مسلم، (٢٨٦٥) بلفظٍ مقارب من حديث عياض بن حمار . قال النَّووي في "المنهاج": قوله: "وإنّهم أتتهم الشَّياطين فاجتالتهم عن دينهم" هَكذا هو في نسخ بلادنا (فاجْتَالَتْهُمْ) بالجيمِ، وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين، وعن رواية الْحافظ أَبي عليّ الغسَّاني (فَاخْتَالَتْهُمْ) بالخاء المعجمة. قال: والأوَّل أصحّ وأوضح، أي: استخفُّوهم فذهبوا بهم وأزالوهم عمَّا كانوا عليه، وجالوا معهم في الباطل. شرح النووي على صحيح مسلم، ١٧: ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>