للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأتمِّها حُسْنًا وجمالًا بشريعة (١) نبيِّنا محمَّد ، قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣]؛ أي: أكملْتُ بالنَّصر والإظهار على الأديان كلِّها، أو بالتَّنصيص على قواعد العقائد، والتَّوفيق على أصول الشَّرائع وقوانين الاجتهاد، وأتممتُها (٢) بفتح مكَّة ودخولها آمنين ظاهرين، وهدم منار الجاهلية ومناسكها، والنَّهي عن حجِّ المشرك وطواف الزِّيارة، أو بإكمال الدِّين والشَّرائع، أو بالهداية والتَّوفيق، واخترتُه لكم من بين الأديان، وهو الدِّين عندَ الله تعالى لا غير.

وقد قيلَ: خُصَّ آدم بالأسماء، وخُصَّ نوحٌ بمعاني تلك الأسماء، وخُصَّ إبراهيم بالجمع بينهما، ثم خُصَّ موسى بالتَّنزيل، وخُصَّ عيسى بالتَّأويل، وخُصَّ نبيُّنا محمَّد بالجمع بينهما، على ملَّة أبيه إبراهيم ، وهي الملَّة الكبرى والحنيفيَّة السَّمحاء، فإنَّ دعوة الأنبياء بعد إبراهيم الخليل لم تكن في العموم كالدَّعوة الخليليَّة، ولم يثبتْ لهم من القوَّة والشَّوكة والمَلْك والسَّيف مثل الملَّة الحنيفيَّة؛ إذ (٣) كانت ملوك العجم كلُّها على ملَّة إبراهيم، وجميع من كان في زمان كلِّ واحد منهم من الرَّعايا في البلاد على أديان ملوكهم، وكأنَّ ملوكُهم مرجع مؤيَّد، إنَّ أعلمَ العلماء، وأقدمَ الحكماء لا يصدُّرون [إِلَّا] عن أمرِه، ولا يرجعون إلَّا إلى رأيه، وكان دعوة بني إسرائيل أكثرها في بلاد الشَّام وما وراءها من المغرب، وقلَّما سرى إلى بلاد العجم.


(١) أ: شريعة.
(٢) أ: وأتممها.
(٣) ع: إذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>