للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ابن عباس الحكمة في القرآن بعلم الحلَّال والحرام. وقال : ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: ١٢٥]؛ أي: بالفقه والشَّريعة.

والحكمة في اللُّغة: عبارة عن العلم والعمل. وكذلك موضع اشتقاق هذا الاسم - وهو الفقه - دليلٌ عليه، وهو العلم بصفة الإتقان مع اتِّصال العمل به، فمن حَوَى هذه الجملة كان فقيهًا مطلقًا، وإلَّا فهو فقيهٌ من وَجْهٍ دون وجهٍ.

وقد نَدَبَ الله تعالى إليه بقوله: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢] وصفهم بالإنذار وهو الدَّعوة إلى العلم والعمل. وقال النَّبيُّ : "خيارُكم في الجاهليةِ خيارُكم في الإسلام إذا فَقُهوا" (١)، وقال: "إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا يفقِّهْه في الدِّين" (٢)، إلى هنا كلام البَزْدَوي.

والدِّين، والملَّة، والشَّريعة، والمنهاج، والإسلام، والحنِيفيَّة (٣)، والسُّنة، والجماعة؛ فإنَّها عبارات وَرَدَت في التَّنزيل الجليل، ولكلِّ واحد منها معنًى يخصُّها، وحقيقةُ توافقها لغةً واصطلاحًا.

قال المولى التَّفْتَازَانِي في "حاشية الكشَّاف" (٤) في آخر سورة الأنعام، في تفسير قوله تعالى: ﴿دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [الأنعام: ١٦١]: الدِّين هو الطَّريقة المخصوصة الثَّابتة من النَّبيِّ ، من حيث الانقيادُ له دينًا، ومن حيث يملي ويبيِّن للنَّاس ملَّةً،


(١) رواه البُخاري (٣٣٧٤)، ومسلم (٢٣٧٨) من حديث أبي هريرة .
(٢) رواه البُخاري (٧١)، ومسلم (١٠٣٧) من حديث معاوية بن أبي سفيان .
(٣) أ: والحنفيَّة.
(٤) أ: (حاشيته على الكشَّاف).

<<  <  ج: ص:  >  >>