للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وحدَه بالمدينة، فنزلَت الآية؛ يعني: ما صحَّ وما استقام للمؤمنين أن ينفروا جميعًا لنحو غزوٍ أو طلب علمٍ، فإنَّ ذلك مخلٌّ بأمر المعاش.

فهلَّا نفرَ مِنْ كلَّ طائفةٍ كثيرة لأهل (١) بلدة أو قبيلة عظيمة جماعةٌ قليلةٌ (ليتكلَّفوا الفقاهة) (٢) في الدِّين ويتجشَّموا مشاقَّ تحصيلها، وليجعلوا غاية تحصيلهم ومَرمَى غرضهم من ذلك إنذار قومهم وإرشادهم إذا رجعوا إليهم.

وتخصيصُه بالذِّكْرِ لأَنَّه أهمُّ، وفيه دليل على أنَّ التَّفقُةَ في الدِّين من فروض الكفاية، وأن يكون غرض المتفقِّه الاستقامة والإقامة، لا التَّرفُّع على العباد، والتَّبسُّط في البلاد، والتَّرؤُّس والتَّصدُّر.

(وفي "التيسير": التَّفقُّه: التَّفعُّل من الفقه، وهو طلبه وتحصيله) (٣)، والفقه: فهم موجبات المعاني المضمَّنة فيها من غير تصريح بالدِّلالة عليها.

وذكرَ فخرُ الإسلام علي (٤) البَزْدَوي في "أصوله": الفِقْه على ثلاثة أقسامٍ: علمِ المشروع بنفسه، والثَّاني إتقان المعرفة به، وهو معرفة النُّصوص بمعانيها وضبط الأصول بفروعها، والقسم الثَّالث وهو العمل به حتى لا يصير نفسُ العلم مقصودًا، فإذا تمَّتْ هذه الأوجه كان فقيهًا.

وقد دلَّ على هذا المعنى أنَّ الله تعالى سمَّى علم الشَّريعة حكمة، فقال: ﴿يُؤْتِي

الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩]. فقد فسَّر


(١) أ: كأهل.
(٢) ع: ليتفقهوا.
(٣) ساقطة من: ع.
(٤) ساقطة من: ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>