للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

تزالُ من أمَّتي طائفةٌ على الحقِّ إلى أن يأتيَ أمرُ الله وروي: "لا تزالُ من أمَّتي قائمةٌ بأمرِ اللهِ لا يضرُّهم من خذلَهم ولا مَنْ خالَفهم حتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ وهم ظاهرون" (١).

وفيه من الدِّلالة على صحَّة الإجماع ما لا يخفى، والاقتصار على نعتهم بهداية النَّاس (٢) للإيذان بأنَّ اهتداءَهم في أنفسهم أمرٌ محقَّقٌ، غنيٌ عن التَّصريح به، كذا قاله شيخ الإسلام العمادي في "إرشاده".

قال البيضاوي: ذكر هذه الآية بعد ما بيَّن أنَّه خلق للنَّار طائفة ضالِّين ملحدين عن الحقِّ للدِّلالة على أنَّه خلق أيضًا للجنَّة أمَّة هادين بالحقِّ عادلين في الأمر.

واعلم أنَّ الهداية بكلمة الحقِّ والدِّلالة على الاستقامة والعدالة بالحقِّ في الحكومات الجارية بين الخلق وعدم الجور فيها لا يتيسَّر إلَّا بتكلُّف الفقاهة في الدِّين وتجشي مشاقَّ تحصيلها، وهو من فروض الكفاية، بدلالة قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢].

عن الكَلْبي رحمه الله تعالى: لما أنزل الله عيوب المنافقين وبيَّن نفاقهم في غزوة تبوك قال المؤمنون: والله لا نتخلَّف عن غزوة يغزوها رسول الله ولا سريَّة (٣) أبدًا. فلمَّا قدم الرَّسول المدينة وأمر بالسرايا نَفَرَ المسلمون جميعًا وتركوا رسول الله


= وهو عند أبي داود (٢٤٨٤) لكن بلفظ: "حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال".
وانظر: "تخريج أحاديث الكشَّاف" للزيلعي (١/ ٤٧٤).
(١) رواه البُخاري (٧٣١١)، ومسلم (١٩٢١).
(٢) ع: الله.
(٣) ض، ع: سريته.

<<  <  ج: ص:  >  >>