للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثم قال: وظيفة أهل الفتوى أن يحافظوا على آخرة السُّلطان، وقد سمعت أنك أمرت بقتل مئة وخمسين رجلًا لا يجوز قتلهم شرعًا، فعليك بعفوهم، فغضب السُّلطان سليم خان، وكان صاحب حدَّة، وقال: إنك لا تتعرض لأمر السلطنة، وليس من وظيفتك، قال: لا، بل أتعرض لأمر آخرتك، وإنه من وظيفتي، فإن عفوت فلك النجاة، وإلا فعليك عقاب عظيم، فانكسرت عند ذلك سورة غضبه، فعفى عن الكل.

ثم تحدَّث معه ساعة، ولما أراد أن يذهب من مجلسه قال: إني (١) تكلمت في أمر آخرتك، وبقي لي كلام متعلِّق بالمروءة، قال السُّلطان: ما هو؟ قال: إِنَّ هؤلاء من عبيد السُّلطان، فهل يليق بعرض السلطنة أن يتكففوا الناس؟ قال: لا، قال: فقرِّرهم في مناصبهم (٢)، فقَبِله السُّلطان، فقال (له: أقررهم في مناصبهم) (٣) إلا أني أعزرهم لتقصيرهم في خدمتهم، قال المولى المذكور: وهذا جائز مفوَّض إلى رأي السُّلطان، ثم سلَّم وانصرف وهو مشكور.

ونظير هذه الحكاية: ذهب السُّلطان سليم خان المزبور إلى مدينة أَدْرَنة، فسبقه المولى المذكور، فلقي في الطريق أربعمئة رجل مشدودين بالحبال، فسألهم عن حالهم، فقالوا: إنهم قد خالفوا أمر السُّلطان وقد اشتروا الحرير، وكان قد منع السُّلطان عن ذلك، فذهب المولى المذكور إلى السُّلطان وهو راكب، فتكلَّم فيهم، وقال: لا يحلُّ قتلهم، فقال له السُّلطان: أيها المولى! أما يحل قتل ثلثي العالم لنظام الباقي؟ قال: نعم، ولكن إذا أدَّى إلى خلل عظيم، قال السُّلطان: وأي خلل أعظم من مخالفة الأمر؟ قال المولى: هؤلاء لم يخالفوا أمرك، لأنك نصبت الأمناء على


(١) ساقطة من: ض، أ.
(٢) ض، أ: منصبهم.
(٣) ساقطة من: ض، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>