للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كنْتُ لأتحمَّل آثامكم، ولا يراني الله جلَّت قدرته متقلدًا أوزاركم، (وألقاه بتبعاتِكم) (١)، فشأنكم أمركم، فخذوه ومن رضيتم به عليكم فولُّوه، فقد خلعتُ بيعتي من أعناقكم، والسَّلام.

فقال له مروان بن الحكم وكان تحت المنبر: سنة عمريَّة يا أبا ليلى. فقال: أعن (٢) ديني تخدعني؟ فوالله ما ذقْتُ حلاوة خلافتكم حتى أتجرَّع مرارتها، ائتني برجالٍ مثل رجال عمر ، على أنَّه ما كان [من حين] جعلها شورى، وصرفَها عمَّن لا يشك في عدالته ظلومًا، والله لئن كانت الخلافة مغنمًا لقد نال أبي منها مغرمًا ومأثمًا، ولئن كانت شرًّا فحسبه منها ما أصابه.

ثم نزل فدخل عليه أقاربه وأمُّه، فوجدوه يبكي، فقالت له أمه: ليتك كنْتَ حيضة، ولم أسمع بخبرك، فقال: وددْتُ والله ذلك، ثم قال: ويلي إن لم يرحمني ربي.

ثم إنّ بني أمية قالوا لمعلِّمه عَمْرو المقصوص: أنْتَ علَّمتَه هذا، ولقَّنته إيَّاه، وصددته عن الخلافة، وزيَّنْتَ له حُبَّ عليٍّ وأولاده، وحملْتَه على ما وسمنا به من الظلم، وحسَّنت له البدع حتى نطق بما نطق وقال ما قال. فقال: والله ما فعلتُه، ولكنَّه مجبول ومطبوع على حبِّ عليٍّ، فلم يقبلوا منه ذلك، فأخذوه ودفنوه حيًّا حتى مات.

وتوفي معاوية بن يزيد بعد خلع نفسه بأربعين ليلة، وكان عمره ثلاثًا وعشرين سنة، ويقال: إنَّه لما احتضر قيل له: ألا تستخلِف فأبى، وقال: ما أصبت (٣) من حلاوتها شيئًا، فلِمَ أتحمَّل (٤) مرارتها، ولم يعقِّب .


(١) ساقطة من: ع.
(٢) ع: عن.
(٣) في ع: (ذقت).
(٤) ض: أيحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>