للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكشف مشكلاته، وحلَّ معضلاته، وصحَّح نسخته غاية التصحيح، وأصلح فساد مبانيها حسب ما تقتضي معاينها، وأشار فيها بمطالع المرام ومقاطع الكلام، بوضع نقطة مخصوصة بمداد أحمر مغنية عن كتب الأسطر لمن تدبَّر، تكاد تكون أستاذًا لمن طالع فيها، ومرشدًا لمن يخوض في فحاويها، كما قيل: العلم نقطة كثَّرها الجاهلون، ولا يسترشدها إلا العالمون (١).

ونسخته المصححة الآن عندي، ملكتها بالشراء الشرعي، وهي في مجلد واحد من النوادر، في خطه وصحته وصغر حجمه، وسائر المحاسن التي تتعلق بالكتاب، وعليها خط زبرته أنامله الشريفة، وهو: في نوبة العبد المذنب المحتاج إلى رحمة ربه خضر بن جلال الدِّين في السنين التي بين الأربعين والخمسين وثمانمئة.

وفي آخرها أيضًا خط يده الشريفة، وهو: فرغ الفقير أضعف عباد الله خضر بن جلال الدِّين من مذاكرته من فاتحته إلى خاتمته، في أواخر رمضان المبارك سنة خمس وخمسين وثمانمئة في محروسة أَدْرَنة.

ولما فتح السُّلطان محمَّد خان مدينة قسطنطينية جعله قاضيًا بها، وهو أول قاض بها في سنة سبع وخمسين وثمانمئة، وتوفي وهو قاض بها سنة ثلاث وستين وثمانمئة، وتولى القضاء المزبور بعده المولى خسرو.

وكان المولى المزبور من أفراد الدهر، وكان ذا باع ممتد في النظم والنثر، ولقد كان اشتغاله في المدرسة السُّلطانية أمرًا عجابًا، من مشاهد (٢) غوصه عجبًا، وكان محفوظ الأوقات على الدرس والطاعات، مُوزّع الساعات، لا يذهب من عمره ساعة إلا في اشتغال أو مطالعة، فصار بحيث أعجب الأنام ترجيع كلامه، وتفريع أقلامه،


(١) في الأصل: الجاهلون، ولعل الصواب المثبت.
(٢) أ: مساعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>